كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار النابغة ونسبه

صفحة 24 - الجزء 11

  وكان ضمران⁣(⁣١) منه حيث يوزعه ... طعن المعارك عند المحجر النّجد

  شكّ الفريصة بالمدرى فأنفذها ... طعن المبيطر إذ يشفى من العضد

  غنى فيه إبراهيم الموصليّ هزجا بالبنصر من رواية عمرو بن بانة. وفيه لحن لمالك. يعني أنّ سحابة مرّت عليه ليلا وأن أنواء الجوزاء أسرت عليه بها. وتزجي: تسوق وتدفع. عليه أي على الثور⁣(⁣٢). والكلَّاب: صاحب الكلاب. وقوله «بات له طوع / الشوامت» أي بات له ما يسرّ السوامت اللَّواتي شمتن⁣(⁣٣) به. وصمع الكعوب: يعني قوائمه أنها لازقة محدّدة الأطراف ليست برهلات. وأصل الصّمع رقّة الشيء ولطافته. والحرد⁣(⁣٤): داء يعيبه، يقال بعير أحرد، وناقة حرداء. والمحجر: الملجأ. والنّجد⁣(⁣٥): الشجاع. والفريصة: مرجع الكتف إلى الخاصرة والمدري: القرن.

  والمبيطر: البيطار. والعضد: داء يأخذ في العضد.

  وفي لحن إبراهيم الموصليّ بعد «فارتاع من صوت كلَّاب»:

  كأنّ رحلي وقد زال النّهار بنا ... يوم الجليل على مستأنس⁣(⁣٦) وحد

  من وحش وجرة موشيّ أكارعه ... طاوي المصير كسيف الصّيقل الفرد

  قال الأصمعيّ: زال النهار بنا أي انتصف. و «بنا» ها هنا في موضع «علينا». ومن روى «مستوجس» فإنه يعني أنه قد أوجس شيئا خافه⁣(⁣٧) فهو يستوجس. والجليل⁣(⁣٨): الثّمام، واحدته جليلة. ووجرة: طرف السّيّ⁣(⁣٩) وهي فلاة بين مرّان وذات عرق وهي / ستون ميلا يجتمع فيها الوحش. وموشيّ أكارعه أي أنه أبيض في قوائمه نقط سود وفي وجهه سفعة⁣(⁣١٠). وطاوي المصير: ضامر. والمصير المعى، وجمعه المصران. والفرد: المنقطع القرين، يقال:

  فرد وفرد وفرد.

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني إسحاق بن إبراهيم الموصليّ قال:


(١) ضمران: اسم كلب: وكان الرياشي يرويه بالفتح عن الأصمعي. ويوزعه: يغريه. أي كان الكلب من الثور بالمكان الذي يغريه الكلاب، كما تقول للرجل: أنا حيث يحب. ونصب طعن بمحذوف أي طعنه طعن المعارك. والمعارك: المقاتل. يريد أنه لما دنا الكلب من الثور طعنه الثور فنشب في قرنه. وإذا ففي الكلام إيجاز بالحذف.

(٢) الثور المذكور في قوله: «كأن رحلي ... إلخ» البيتين الآتيين، وهما مذكوران في «الديوان» قبل هذا البيت.

(٣) هذا الشرح الذي ذكره المؤلف إنما هو على رواية «طوع الشوامت» بالرفع. قال ابن السكيت في بيان هذه الرواية: يقول بات له ما أطاع شامته من البرد والخوف أي بات له ما تشتهي شوامته. قال: وسرورها به هو طوعها، ومن ذلك يقال: اللهم لا تطيعن بي شامتا أي لا تفعل بي ما يحب فتكون كأنك أطعته. ويروي «طوع الشوامت» بالنصب. والشوامت على هذه الرواية هي القوائم، واحدتها شامتة. يقول: فبات له الثور طوع شوامته أي قوائمه أي بات قائما. (راجع «لسان العرب» في مادة شمت).

(٤) الحرد: استرخاء عصب في يدي البعير من شد العقال وربما كان خلقه. وإذا كان به هذا الداء نفض يديه وضرب بهما الأرض ضربا شديدا.

(٥) هذا على رواية ضم الجيم، وهو حينئذ صفة للمعارك. ويروي «النجد» بكسر الجيم وصفا من النجد (بالتحريك) وهو العرق من عمل أو كرب أو غيره. وهو على هذه الرواية يكون وصفا للمحجر، أي المحجر المكروب.

(٦) قال ابن الأعرابي: الاستئناس: النظر والتوجس كأنه يخاف الإنس.

(٧) في «الأصول»: «عاقه» وهو تحريف.

(٨) والجليل أيضا: اسم موضع ينبت فيه الثمام، ولعله هو المراد.

(٩) السيّ (بكسر أوله): موضع بتلك الجهة التي ذكرها المؤلف.

(١٠) السفعة: السواد أو هي سواد مشرب حمرة.