كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحارث بن حلزة ونسبه

صفحة 33 - الجزء 11

  وفديناهم بتسعة أملا ... ك كرام أسلابهم⁣(⁣١) أغلاء

  [ومع الجؤن⁣(⁣٢) جون آل بني الأو ... س عنود⁣(⁣٣) كأنها دفواء]

  يعني بهذه الأيّام أيّاما كانت كلها لبكر مع المنذر، فمنها يوم الشّقيقة وهم قوم من شيبان جاؤوا مع قيس بن معد يكرب ومعه جمع عظيم من أهل اليمن يغيرون على إبل لعمرو بن هند، فردّتهم بنو يشكر وقتلوا فيهم، ولم يوصل إلى شيء من إبل عمرو بن هند. ومنها يوم غزا حجر الكنديّ، وهو حجر بن أمّ قطام، امرأ القيس وهو / ماء السماء بن المنذر، لقيه ومع حجر جمع كثير من كندة، وكانت بكر مع امرئ القيس، فخرجت إلى حجر فردّته وقتلت جنوده. وقوله:

  ففككنا غلّ امرئ القيس عنه

  وكانت غسّان أسرته يوم قتل المنذر أبيه، فأغارت بكر بن وائل على بعض بوادي الشام فقتلوا ملكا من ملوك غسّان واستنقذوا امرأ القيس بن المنذر، وأخذ عمرو بن هند بنتا لذلك الملك يقال لها ميسون. وقوله: «وفديناهم بتسعة ...» يعني بني حجر آكل المرار. وكان المنذر وجّه خيلا من بكر في طلب بني حجر، فظفرت بهم بكر بن وائل فأتوا المنذر بهم وهم تسعة، فأمر بذبحهم في ظاهر الحيرة / فذبحوا بمكان يقال له جفر الأملاك. قال: والجون جون آل بني الأوس: ملك من ملوك كندة وهو ابن عم قيس بن معد يكرب. وكان الجون جاء ليمنع بني آكل المرار ومعه كتيبة خشناء، فحاربته بكر فهزموه، وأخذوا بني الجون فجاؤوا بهم إلى المنذر فقتلهم.

  قال: فلمّا فرغ الحارث من هذه القصيدة حكم عمرو بن هند أنه لا يلزم بكر بن وائل ما حدث على رهائن تغلب، فتفرقوا على هذه الحال. ثم لم يزل في نفسه من ذلك شيء حتّى هم باستخدام أمّ عمرو بن كلثوم تعرّضا لهم وإذلالا، فقتله عمرو بن كلثوم. وخبره يذكر هناك.

  قصيدة له دالية:

  قال يعقوب بن السّكَّيت أنشدني النّضر بن شميل للحارث بن حلَّزة - وكان يستحسنها ويستجيدها ويقول: للَّه درة ما أشعره -:

  صوت

  من حاكم بيني وبي ... ن الدّهر مال عليّ عمدا

  أودى بسادتنا وقد ... تركوا لنا حلقا وجردا⁣(⁣٤)

  / خيلي وفارسها وربّ أبيك كان أعزّ فقدا فلو انّ ما يأوي إليّ أصاب من ثهلان⁣(⁣٥) هدّا


(١) الأسلاب: جمع سلب (بالتحريك) وهو ما يكون مع القوم من ثياب وسلاح ودواب. وأغلاء: غالية.

(٢) أثبتنا هذا البيت زيادة على ما في «الأصول» لأن المؤلَّف سيتعرّض له في شرحه.

(٣) عنود: يريد هنا كتيبة، كأنها تعند في سيرها أي تطغي وتجور عن القصد. والدفواء: المائلة. والدفواء: العقاب لعوج منقارها.

فيحتمل أنه يريد: كأنها مائلة من بغيها، أو كأنها عقاب لأنها تنقض على العدو كما تنقض العقاب على الصيد.

(٤) الحلق هنا: الدروع. والجرد: الخيل القصيرة الشعر، واحدها أجرد.

(٥) ثهلان: جبل.