أخبار الحارث بن حلزة ونسبه
  فضعي قناعك إنّ ري ... ب الدّهر قد أفنى معدّا
  فلكم رأيت معاشرا ... قد جمّعوا مالا وولدا
  وهم زباب حائر(١) لا يضر ... لا تسمع(٢) الآذان رعدا
  فعش بجدّ(٣) لا يضر ... ك النّوك ما لا قيت جدا
  والعيش خير قي ظلا ... ل النّوك ممن عاش كذا(٤)
  في البيت الأوّل من القصيدة والبيتين الأخيرين خفيف ثقيل أوّل بالوسطى لعبد اللَّه بن العبّاس الرّبيعيّ، ومن الناس من ينسبه إلى بابويه.
  صوت
  ألا(٥) هبيّ بصحنك فاصبحينا ... ولا تبقي خمور الأندرينا
  / مشعشعة(٦) كأنّ الحصّ فيها ... إذا ما الماء خالطها سخينا(٧)
  عروضه من الوافر. الشعر لعمرو بن كلثوم التّغلبيّ. والغناء لإسحاق ثقيل أوّل بالخنصر في مجرى الوسطى من روايته. وفيه لإبراهيم ثاني ثقيل بالوسطى عن عمرو.
(١) الزباب: ضرب من الفثرة لا تسع، يشبه بها الجاهل، والواحدة زبابة.
(٢) أي لا تسمع آذانها الرعد لما بها من صمم.
(٣) الجد (بفتح الجيم): الحظ. والنوك (بالضم وبالفتح): الحمق. ويحتمل أن يكون الأصل: «عيشن بجد» إلخ ...
(٤) استشهد أصحاب المعاني بهذا البيت على الإيجاز المخل. إذ هو يريد أن العيش الناعم في ظل النوك خير من العيش الشاق في ظل العقل، وألفاظ البيت لا تفي بهذا المعنى.
(٥) هبي: قومي من نومك، يقال: هب من نومه هبا إذا انتبه وقام من مضجعه. والصحن: القدح الواسع الضخم. واصبحينا: اسقينا الصبوح وهو شراب الغداة. وأندرين: قرية كانت جنوبي حلب في طرف البرية وكانت من القرى الشهيرة بالخمر. وقد قال اللغويون فيها غير هذا القول أقوالا كثيرة فندها جميعا ياقوث في كتابه «معجم البلدان».
(٦) مشعشعة: ممزوجة بالماء وأرق مزجها. وهي منصوبة على أنها مفعول «أصبحينا» أو على أنها حال من «خمور الأندرين» أو بدل منها، ويجوز الرفع على تقدير هي مشعشعة. والحص (بالضم): الورس (نبت أصفر باليمن) أو هو الزعفران. شبه صفرتها بصفرته.
(٧) سخينا: حال من الماء، قال أبو عمرو الشيباني: كانوا يسخنون لها الماء ثم يمزجونها به، أو نعت لمحذوف، والمعنى: فاسقينا شرابا سخينا. وقيل: أن «سخينا» فعل وفاعل أي جدنا. وفي فعل «سخا» لغات، يقال: سخى يسخى (وزان فرح) سخا وسخوة، وسخا يسخو، وسخا يسخى (وزان فتح) سخاء، وسخو يسخو (وزان كرم) سخاء وسخوّا وسخاوة.