نسب عمرو بن كلثوم وخبره
  يسودهم في خمسة وعشر
  قال الأخذر: فكان كما قال ساد وهو ابن خمسة عشر، ومات وله مائة وخمسون سنة.
  قصة قتله لعمرو بن هند:
  قال أبو عمرو حدّثني أسد بن عمرو الحنفيّ وكرد بن السّمعيّ وغيرهما، وقال ابن الكلبي حدّثني أبي وشرقّيّ بن القطاميّ، وأخبرنا إبراهيم بن أيّوب عن ابن قتيبة:
  أنّ عمرو بن هند قال ذات يوم لندمائه: هل تعلمون أحدا من العرب تأنف أمّه من خدمة أمّي؟ فقالوا: نعم! أم عمرو بن كلثوم. قال: ولم؟ قالوا: لأنّ أباها مهلهل بن ربيعة، وعمّها كليب وائل أعزّ العرب، وبعلها كلثوم بن مالك أفرس العرب، وابنها عمرو وهو سيّد قومه. فأرسل عمرو بن هند إلى عمرو بن كلثوم يستزيره ويسأله أن يزير أمّه أمّه. فأقبل عمرو من الجزيرة إلى الحيرة في جماعة بني تغلب. وأمر عمرو بن هند برواقه فضرب فيما بين الحيرة والفرات، وأرسل إلى وجوه أهل مملكته فحضروا في وجوه بني تغلب. فدخل عمرو بن كلثوم على عمرو بن هند في رواقه، / ودخلت ليلى وهند في قبّة من جانب الرّواق. وكانت هند عمّة أمرئ القيس بن حجر الشاعر، وكانت أمّ ليلى بنت مهلهل بنت أخي فاطمة بنت ربيعة التي هي أمّ امرئ القيس، وبينهما هذا النسب. وقد كان عمرو بن هند أمر أمّه أن تنحّي الخدم إذا دعا بالطَّرف وتستخدم ليلى. فدعا عمرو بمائدة ثم دعا بالطَّرف. فقالت هند:
  ناوليني يا ليلى ذلك الطَّبق. فقالت ليلى: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها. فأعادت عليها وألحّت. فصاحت ليلى:
  واذلَّاه! يا لتغلب! فسمعها عمرو بن كلثوم فثار الدّم في وجهه، ونظر إليه عمرو بن هند فعرف الشرّ في وجهه، فوثب عمرو بن كلثوم إلى سيف لعمرو بن هند معلَّق بالرّواق ليس هناك سيف غيره، فضرب به رأس عمرو بن هند، ونادى في بني تغلب، فانتهبوا ما في الرّواق وساقوا نجائبه، وساروا نحو الجزيرة. ففي ذلك يقول عمرو بن كلثوم:
  ألا هبّي بصحنك فاصبحينا
  تعظيم تغلب بقصيدته المعلقة:
  وكان قام بها خطيبا بسوق عكاظ وقام بها في / موسم مكة. وبنو تغلب تعظَّمها جدّا ويرويها صغارهم وكبارهم، حتى هجوا بذلك؛ قال بعض شعراء بكر بن وائل:
  ألهى بني تغلب عن كل مكرمة ... قصيدة قالها عمرو بن كلثوم
  يروونها(١) أبدا مذ كان أوّلهم ... يا للرجال لشعر غير مسئوم
  فخر شعراء تغلب بقتله عمرو بن هند:
  وقال الفرزدق يردّ على جرير في هجائه الأخطل:
  ما ضرّ تغلب وائل أهجوتها ... أم بلت حيث تناطح البحران
  قوم هم قتلوا ابن هند عنوة ... عمرا وهم قسطوا(٢) على النّعمان
(١) ويروى: «يفاخرون بها».
(٢) قسطوا: جاروا؛ يقال: أقسط إذا عذل، وقسط إذا جار.