كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب عمرو بن كلثوم وخبره

صفحة 37 - الجزء 11

  / وقال أفنون⁣(⁣١) صريم التّغلبيّ يفخر بفعل عمرو بن كلثوم في قصيدة له:

  لعمرك ما عمرو بن هند وقد دعا ... لتخدم ليلى⁣(⁣٢) أمّه بموفّق

  فقام ابن كلثوم إلى السيف مصلتا⁣(⁣٣) ... فأمسك من ندمانه⁣(⁣٤) بالمخنّق

  وجلَّله عمرو على الرأس ضربة ... بذي شطب⁣(⁣٥) صافي الحديدة رونق

  قال: وكان لعمرو أخ يقال له مرّة بن كلثوم، فقتل المنذر بن النّعمان وأخاه. وإيّاه عنى الأخطل بقوله لجرير:

  أبني كليب إنّ عمّيّ اللَّذا⁣(⁣٦) ... قتلا الملوك وفكَّكا الأغلالا

  وكان لعمرو بن كلثوم ابن يقال له عبّاد، وهو قاتل بشر بن عمرو بن عدس. ولعمرو بن كلثوم عقب باق، ومنهم كلثوم⁣(⁣٧) بن عمرو العتّابيّ الشاعر صاحب الرسائل.

  أغار على بني تميم ثم انتهى إلى بني حنيفة فأسره يزيد ابن عمرو ثم أطلقه فمدحه:

  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثني محمد بن الحسن الأحول عن ابن الأعرابيّ قال:

  أغار عمرو بن كلثوم التغلبيّ على بني تميم ثم مرّ من غزوه ذلك على حيّ من بني قيس بن ثعلبة، فملأ يديه منهم وأصاب أسارى وسبايا؛ وكان فيمن أصاب / أحمد بن جندل السّعديّ، ثم انتهى إلى بني حنيفة باليمامة وفيهم أناس من عجل، فسمع به⁣(⁣٨) أهل حجر⁣(⁣٩)؛ فكان أوّل من أتاه من بني حنيفة بنو سحيم عليهم يزيد بن عمرو بن شمر. فلما رآهم عمرو بن كلثوم ارتجز فقال:

  من عاذ منّي بعدها فلا اجتبر ... ولا سقى الماء ولا أرعى الشّجر

  بنو لجيم⁣(⁣١٠) وجعاسيس⁣(⁣١١) مضر ... بجانب الدّوّ⁣(⁣١٢) يدهدون العكر


(١) أفنون: لقب صريم بن معشر بن ذهل بن تيم بن عمرو بن تغلب، توفي بالألاهة (موضع) وله في وفاته بها قصة ذكرها ياقوت في «معجم البلدان». وفي «الأصول»: «أفنون بن صريم» بزيادة «ابن» وهو تحريف. (راجع «النقائض» ص ٨٨٦ طبع أوروبا و «القاموس» وشرحه و «معجم البلدان» لياقوت في كلامه على الألاهة).

(٢) في «الأصول»: «لتخدم أمي أمه» والتصويب من «النقائض».

(٣) أصلت السيف: جرّده من غمده؛ فهو مصلت (بكسر اللام) والسيف مصلت (بفتحها).

(٤) الندمان «بفتح النون»: الذي ينادمك على الشراب. والمخنق: موضع حبل الخنق من العنق.

(٥) شطب السيف: طرائقه في متنه من شدّة بريقه، الواحدة شطبه. والرونق: ماء السيف وصفاؤه وحسنه.

(٦) أي اللذان، فحذف النون تخفيفا.

(٧) له ترجمة في «الأغاني» في أوّل الجزء الثاني عشر من طبعة بلاق.

(٨) في «الأصول»: «فسمع بها»، وظاهر أن مرجع الضمير عمرو بن كلثوم.

(٩) حجر (بالفتح): عاصمة اليمامة.

(١٠) هو لجيم بن صعب؛ وحنيفة أبو القبيلة أحد أولاده. وسياق الكلام قبله يرجح أن يكون الخطاب لبني سحيم. فلعل «لجيما» محرف عن «سحيم».

(١١) الجعاسيس: اللئام الخلق والخلق، والواحد جعسوس.

(١٢) الدوّ: الفلاة. ويدهدون: يدحرجون ويقلبون؛ يقال: «دهدي الشيء إذا قلب بعضه على بعض، مثل دهدهه. والعكر (بالتحريك) درديّ كل شيء. وفي» ج «:» يدهون «وفي» أ، م «:» نجائب الدوّ يدهون. وفي» ب، س «:» يديهون «وكله تحريف؛ إذ الظاهر أنه يريد أن يذم هؤلاء القوم فوصفهم بأنهم يعملون في أحقر الأشياء ولا شأن لهم ولا خطر.