نسب عمرو بن كلثوم وخبره
  / وقال أفنون(١) صريم التّغلبيّ يفخر بفعل عمرو بن كلثوم في قصيدة له:
  لعمرك ما عمرو بن هند وقد دعا ... لتخدم ليلى(٢) أمّه بموفّق
  فقام ابن كلثوم إلى السيف مصلتا(٣) ... فأمسك من ندمانه(٤) بالمخنّق
  وجلَّله عمرو على الرأس ضربة ... بذي شطب(٥) صافي الحديدة رونق
  قال: وكان لعمرو أخ يقال له مرّة بن كلثوم، فقتل المنذر بن النّعمان وأخاه. وإيّاه عنى الأخطل بقوله لجرير:
  أبني كليب إنّ عمّيّ اللَّذا(٦) ... قتلا الملوك وفكَّكا الأغلالا
  وكان لعمرو بن كلثوم ابن يقال له عبّاد، وهو قاتل بشر بن عمرو بن عدس. ولعمرو بن كلثوم عقب باق، ومنهم كلثوم(٧) بن عمرو العتّابيّ الشاعر صاحب الرسائل.
  أغار على بني تميم ثم انتهى إلى بني حنيفة فأسره يزيد ابن عمرو ثم أطلقه فمدحه:
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثني محمد بن الحسن الأحول عن ابن الأعرابيّ قال:
  أغار عمرو بن كلثوم التغلبيّ على بني تميم ثم مرّ من غزوه ذلك على حيّ من بني قيس بن ثعلبة، فملأ يديه منهم وأصاب أسارى وسبايا؛ وكان فيمن أصاب / أحمد بن جندل السّعديّ، ثم انتهى إلى بني حنيفة باليمامة وفيهم أناس من عجل، فسمع به(٨) أهل حجر(٩)؛ فكان أوّل من أتاه من بني حنيفة بنو سحيم عليهم يزيد بن عمرو بن شمر. فلما رآهم عمرو بن كلثوم ارتجز فقال:
  من عاذ منّي بعدها فلا اجتبر ... ولا سقى الماء ولا أرعى الشّجر
  بنو لجيم(١٠) وجعاسيس(١١) مضر ... بجانب الدّوّ(١٢) يدهدون العكر
(١) أفنون: لقب صريم بن معشر بن ذهل بن تيم بن عمرو بن تغلب، توفي بالألاهة (موضع) وله في وفاته بها قصة ذكرها ياقوت في «معجم البلدان». وفي «الأصول»: «أفنون بن صريم» بزيادة «ابن» وهو تحريف. (راجع «النقائض» ص ٨٨٦ طبع أوروبا و «القاموس» وشرحه و «معجم البلدان» لياقوت في كلامه على الألاهة).
(٢) في «الأصول»: «لتخدم أمي أمه» والتصويب من «النقائض».
(٣) أصلت السيف: جرّده من غمده؛ فهو مصلت (بكسر اللام) والسيف مصلت (بفتحها).
(٤) الندمان «بفتح النون»: الذي ينادمك على الشراب. والمخنق: موضع حبل الخنق من العنق.
(٥) شطب السيف: طرائقه في متنه من شدّة بريقه، الواحدة شطبه. والرونق: ماء السيف وصفاؤه وحسنه.
(٦) أي اللذان، فحذف النون تخفيفا.
(٧) له ترجمة في «الأغاني» في أوّل الجزء الثاني عشر من طبعة بلاق.
(٨) في «الأصول»: «فسمع بها»، وظاهر أن مرجع الضمير عمرو بن كلثوم.
(٩) حجر (بالفتح): عاصمة اليمامة.
(١٠) هو لجيم بن صعب؛ وحنيفة أبو القبيلة أحد أولاده. وسياق الكلام قبله يرجح أن يكون الخطاب لبني سحيم. فلعل «لجيما» محرف عن «سحيم».
(١١) الجعاسيس: اللئام الخلق والخلق، والواحد جعسوس.
(١٢) الدوّ: الفلاة. ويدهدون: يدحرجون ويقلبون؛ يقال: «دهدي الشيء إذا قلب بعضه على بعض، مثل دهدهه. والعكر (بالتحريك) درديّ كل شيء. وفي» ج «:» يدهون «وفي» أ، م «:» نجائب الدوّ يدهون. وفي» ب، س «:» يديهون «وكله تحريف؛ إذ الظاهر أنه يريد أن يذم هؤلاء القوم فوصفهم بأنهم يعملون في أحقر الأشياء ولا شأن لهم ولا خطر.