نسب عمرو بن كلثوم وخبره
  فانتهى إليه يزيد بن عمرو فطعنه فصرعه عن فرسه وأسره. وكان يزيد شديدا جسيما، فشدّه في القدّ وقال له: أنت الذي تقول:
  متى تعقد(١) قرينتنا بحبل ... تجذّ الحبل أو تقص القرينا
  أما إنّي سأقرنك إلى ناقتي هذه فأطردكما(٢) جميعا. فنادى عمرو بن كلثوم يا لربيعة! أمثلة!. قال: فاجتمعت بنو لجيم(٣) فنهوه ولم يكن يريد ذلك به. فسار به حتّى أتى قصرا بحجر من قصورهم، وضرب عليه قبّة ونحر له وكساه وحمله على نجيبه وسقاه الخمر. فلما أخذت برأسه تغنّى:
  /
  أأجمع صحبتي السّحر ارتحالا ... ولم أشعر ببين منك هالا(٤)
  ولم أر مثل هالة في معدّ ... أشبّه حسنها إلَّا الهلالا
  ألا أبلغ بني جشم بن بكر ... وتغلب كلَّما أتيا حلالا(٥)
  / بأنّ الماجد القرم ابن عمرو ... غداة نطاع(٦) قد صدق القتالا
  كتيبته(٧) ململمة رداح ... إذا يرمونها تفني النّبالا
  جزى اللَّه الأغرّ يزيد خيرا ... ولقّاه المسرّة والجمالا
  بمأخذه ابن كلثوم بن عمرو ... يزيد الخير نازله نزالا
  بجمع من بني قرّان(٨) صيد ... يجيلون الطعان إذا أجالا
  يزيد يقدم السفراء(٩) حتى ... يروّي صدرها الأسل النّهالا
  حواره مع عمرو بن أبي حجر الغساني حين مر ببني تغلب فلم يكرموه:
  أخبرني عليّ بن سليمان قال أخبرنا الأحول عن ابن الأعرابيّ قال:
  زعموا أنّ بني تغلب حاربوا المنذر بن ماء السماء فلحقوا بالشأم خوفا منه. فمرّ بهم عمرو(١٠) بن أبي حجر
(١) رواية «المعلقات» في عدة نسخ «متى نعقد» بالنون. والفرينة: التي تقرن إلى غيرها أي تربط مع غيرها بحبل. وتجذ: تقطع، وهو مجزوم في جواب الشرط، فيجوز فيه الكسر لالتقاء الساكنين وهو المختار، والفتح للتخفيف، والضم اتباعا لضمة ما قبله. وتقص:
تكسر؛ يقال: وقص عنقه يقصها وقصا إذا كسرها ودقها.
(٢) طرد الإبل: ساقها.
(٣) تقدّم أن «لجيما» جد أعلى لهم، وأن الجد الذي ينتسبون إليه «سحيم».
(٤) يريد: يا هالة.
(٥) حلال: جمع حلة (بالكسر) وهي جماعة بيوت الناس، ومجتمع القوم.
(٦) نطاع: أرض، وقد ذكرها المؤلف في صفحة ٤٦ من هذا الجزء.
(٧) الكتيبة: الجيش أو فرقة منه. وململمة: مجتمعة. ورداح: ثقيلة جرارة.
(٨) قرّان حصن باليمامة، نسب إليه أهله كأنه أب لهم. (راجع شرح «ديوان المفضليات» لأبي محمد الأنباري ص ٤٣٤ طبعة مطبعة الآباء اليسوعيين ببيروت سنة ١٩٢٠ م)
(٩) كذا في «الأصول». ولم نوفق لوجه الصواب فيه.
(١٠) في كتاب «الكامل» لابن الأثير أنه الحارث بن أبي شمر الغساني. وسياق هذا الخبر فيه أتم وأوضح مما هنا. وأحسب أن مصدر الغموض والاضطراب في «الأغاني» هنا سقوط كلام من النساخ. ونص الخبر في كتاب «الكامل»: ... فخرج ملك غسان بالشام وهو الحارث بن أبي شمر الغساني، فمر بأفاريق من تغلب فلم يستقبلوه. وركب عمرو بن كلثوم التغلبي فلقيه فقال له: ما