نسب عمرو بن كلثوم وخبره
  قال وقال في النعمان:
  لحا اللَّه أدنانا إلى اللَّؤم زلفة(١) ... وألأمنا خالا وأعجزنا أبا
  وأجدرنا أن ينفخ الكير خاله ... يصوغ القروط والشّنوف بيثربا
  وفاته ونصيحته لبنيه:
  أخبرني الحسين بن عليّ قال حدّثنا أحمد بن سعيد الدّمشقيّ قال حدّثنا الزبير بن بكَّار قال حدّثني عليّ بن المغيرة عن ابن الكلبيّ عن رجل من النّمر بن قاسط قال:
  لمّا حضرت عمرو بن كلثوم الوفاة وقد أتت عليه خمسون ومائة سنة، جمع بنيه فقال: يا بنيّ، قد بلغت من العمر ما لم يبلغه أحد من آبائي، ولا بدّ أن ينزل بي ما نزل بهم من الموت. وإني واللَّه / ما عيّرت أحدا بشيء إلا عيّرت بمثله، إن كان حقّا فحقّا، وإن كان باطلا فباطلا. ومن سبّ سبّ؛ فكفّوا عن الشتم فإنه أسلم لكم، وأحسنوا جواركم يحسن ثناؤكم، وامنعوا من ضيم الغريب؛ فربّ رجل خير من ألف، وردّ خير من خلف. وإذا حدّثتم فعوا، وإذا حدّثتم فأوجزوا؛ فإن مع الإكثار تكون الأهذار(٢). وأشجع القوم العطوف بعد الكرّ، كما أنّ أكرم المنايا / القتل. ولا خير فيمن لا رويّة له عند الغضب، ولا من إذا عوتب لم يعتب(٣). ومن الناس من لا يرجى خيره، ولا يخاف شرّه؛ فبكؤه(٤) خير من درّه، وعقوقه خير من برّه. ولا تتزوّجوا في حيّكم فإنه يؤدّي إلى قبيح البغض.
  صوت
  لمن الديار ببرقة الرّوحان(٥) ... إذ لا نبيع زماننا بزمان
  صدع الغواني إذ رمين فؤاده ... صدع الزّجاجة ما لذاك تداني
  إن زرت أهلك لم أنوّل حاجة ... وإذا هجرتك شفّني هجراني
  الشعر لجرير يهجو الأخطل ويردّ عليه حكومته التي حكم بها للفرزدق عليه. والغناء، فيما ذكره عليّ بن يحيى المنجّم في كتابه الذي لقّبه بالمحدث، لمعبد ثقيل أوّل بالوسطى، وذكر الهشاميّ أنّه لحنين، قال ويقال: إنه لمعبد. وفيه ليزيد حوراء لحن ذكره عبد الملك بن موسى عنه، وقال: لا أدري أهو الثقيل الأوّل أم خفيف الرمل.
  وذكر حبش أنّ الثقيل الأوّل للغريض وأنّ خفيف الرمل بالبنصر للدّلال.
(١) ألزلفة (بالضم) - ومثلها الزلفى والزلف (بالتحريك) -: القربة والدرجة والمنزلة.
(٢) الأهذار: جمع هذر (بالتحريك) وهو سقط الكلام.
(٣) الإعتاب: رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضى العاتب، والاسم منه العتبي.
(٤) أصل البكء: قلة اللبن أو انقطاعه، يقال: بكأت الناقة أو الشاة تبكأ بكئا (من باب فتح) وبكؤت تبكؤ (من باب كرم) بكاءة وبكوءا.
والمعنى المراد: فمنعه خير من عطائه.
(٥) راجع الحاشية رقم ١ ص ٦٣ من هذا الجزء.