ذكر لخبر عن السبب في اتصال الهجاء بين جرير والأخطل
  /
  يوما بأجود منه حين تسأله ... ولا بأجهر(١) منه حين يجتهر
  في نبعة(٢) من قريش يعصبون(٣) بها ... ما إن يوازى بأعلى نبتها الشجر
  حشد على الخير عيّافو الخنا أنف ... إذا ألمّت بهم مكروهة صبروا
  لا يستقلّ(٤) ذوو الأضغان حربهم ... ولا يبيّن في عيدانهم خور
  شمس(٥) العداوة حتى يستقاد لهم ... وأعظم الناس أحلاما إذا قدروا
  مدح الرشيد بيتا للأخطل:
  أخبرنا الحسن بن عليّ قال حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثنا عليّ بن الصبّاح عن أبيه:
  أنّ الرشيد قال لجماعة من أهله وجلسائه: أيّ بيت مدح به الحلفاء منّا ومن بني أميّة أفخر؟ فقالوا وأكثروا.
  فقال الرشيد: أمدح بيت وأفخره قول ابن النّصرانيّة في عبد الملك:
  شمس العداوة حتى يستقاد لهم ... وأعظم الناس أحلاما إذا قدروا
  مدح آدم بن عمر بن عبد العزيز بيتا للأخطل في مجلس المهدي فأغضبه:
  أخبرني الحسن قال حدّثنا ابن مهرويه قال حدّثني أحمد بن الحارث عن المدائنيّ قال:
  قال المهدي يوما وبين يديه مروان بن أبي حفصة: أين ما تقوله فينا من قولك في أمير المؤمنين المنصور:
  /
  له لحظات عن حفافي سريره ... إذا كرّها فيها عقاب ونائل
  فاعترضه آدم بن عمر بن عبد العزيز فقال: هيهات واللَّه يا أمير المؤمنين أن يقول هذا ولا ابن هرمة كما قال الأخطل:
  شمس العداوة حتى يستقاد لهم ... وأعظم الناس أحلاما إذا قدروا
  قال: فغضب المهديّ حتى استشاط وقال: كذب واللَّه ابن النّصرانيّة العاضّ بظر أمّه وكذبت يا عاضّ بظر أمّك! واللَّه لولا أن يقال: إني خفرت(٦) بك لعرّفتك من أكثر شعرا! خذوا برجل ابن الفاعلة فأخرجوه عنّي! فأخرجوه على تلك الحال، وجعل يشتمه وهو يجرّ ويقول: يا بن الفاعلة! أراها في رؤوسكم وأنفسكم!.
  صوت
  إنّي أرقت ولم يأرق معي صاح ... لمستكفّ بعيد النّوم لوّاح
(١) في «الأصول»: «بأجهد» والتصويب من «الديوان». أي بأعظم ولا أحسن مرآة منه؛ يقال جهرت قلانا واجتهرته إذا رأيته عظيما حسن المرآة في عينك.
(٢) النبع: ضرب من الشجر وهو من أجوده.
(٣) هذه رواية «الديوان». وفي «الأصول»: «يعصمون بها». ويعصبون بها: يطيفون بها ويلزمونها.
(٤) استقل الشيء: حمله. يريد أن خصومهم لا يستطيعون أن ينهضوا بحربهم. ويبين: يتضح ويظهر.
(٥) شمس: جمع شموس، وهو من الرجال العسر في عداوته الشديد الخلاف على من عانده. والأصل في هذا الجمع أن يكون مضموم العين، ويجوز فيه التسكين كما ورد في البيت هنا.
(٦) كذا في «الأصول». والذي في كتب اللغة أنه يقال: خفرت فلانا وخفرت به إذا أجرته وأمنته، وأخفرته إذا غدرته، ويقال خفرت ذمته إذا لم يوف بها.