ذكر أوس بن حجر وشئ من أخباره
  / وقال في حليمة:
  لعمرك ما ملَّت ثواء ثويّها(١) ... حليمة إذ ألقى مراسي مقعد(٢)
  ولكن تلَّقت باليدين ضمانتي(٣) ... وحلّ بشرج م القبائل(٤) عوّدي
  ولم تلهها(٥) تلك التكاليف إنّها ... كما شئت من أكرومة وتخرّد(٦)
  سأجزيك أو يجزيك(٧) عنّي مثوّب ... وقصرك(٨) أن يثنى عليك وتحمدي
  رثى فضالة بن كلدة حين مات:
  قالا: ثم مات فضالة بن كلدة، وكان يكنى أبا دليجة، فقال فيه أوس بن حجر يرثيه.
  يا عين لا بدّ من سكب وتهمال ... على فضالة جلّ الرّزء العالي
  / ويروى «عينيّ». العالي: الأمر العظيم الغالب. وهي طويلة جدّا. وفيها مما يغنّى فيه:
  صوت
  أبا دليجة من توصي بأرملة ... أم من لأشعث(٩) ذي طمرين ممحال
  أبا دليجة من يكفي العشيرة إذ ... أمسوا من الأمر في لبس وبلبال
  لا زال مسك وريحان له أرج ... على صداك(١٠) بصافي اللَّون سلسال
  / غنّى فيه دحمان خفيف رمل بالوسطى عن عمرو. وذكر حبش أنّ فيه لابن عائشة رملا بالوسطى عن عمرو. وذكر حبش أنّ فيه لابن عائشة رملا بالبنصر، ولداود بن العباس ثاني ثقيل، ولابن جامع خفيف ثقيل.
  ومن فاضل مراثيه إياه ونادرها قوله:
  أيّتها النفس أجملي جزعا ... إنّ الذي تكرهين قد وقعا
  إنّ الذي جمّع السماحة وال ... نّجدة والحزم والقوى جمعا
(١) الثواء: الإقامة. والثوى هنا: الضيف.
(٢) المقعد: الذي به داء يقعده. وفي بعض «الأصول» و «الديوان»: «مقعدي» بياء في آخره.
(٣) الضمانة: الداء في الجسد من كبر أو بلاء أو غير ذلك. ومثل الضمانة الضمان والضمن (بالتحريك) والضمنة (بالتحريك) والضمنة (بالضم)؛ يقال: رجل ضمن (بالتحريك) لا يثنى ولا يجمع لأنه وصف بالمصدر، ورجل ضمن (بكسر عينه) وضمين؛ وهذان الوصفان يثنيان ويجمعان؛ وجمع الأوّل: ضمنون، والثاني: ضمني.
(٤) أي من القبائل. وفي «الأصول»: «فالقبائل» والتصويب من «الديوان».
(٥) يقال: لهى عن الشيء يلهى (وزان فرح) إذا كف عنه وتركه. يريد: لم يجعلها تتركه ما تلاقيه في القيام عليه من تكاليف.
(٦) التخرد: الحياء والخفر؛ يقال: خردت الفتاة خردا (من باب فرح) وتخرّدت.
(٧) المثّوب هنا: الذي يعطي المحسن ثواب ما عمل؛ يقال: أثابه اللَّه وأثوبه وثوّبه.
(٨) قصرك: غايتك وكفايتك؛ ومثله قصارك وقصاراك (بضم القاف فيهما).
(٩) رجل أشعث: مغبر الرأس متلبد الشعر أو منتشره لقلة تعهده بالدهن والاستحداد. والطمر: الثوب الخلق. وممحال: مجدب. يريد أنّه فقير.
(١٠) الصدى هنا: جثة الميت في قبره. وبصافي اللون أي مع صافي اللون، يريد الماء. والدعاء للقبور بالسقيا معروف عند العرب.