كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر مقتل خالد بن جعفر بن كلاب

صفحة 68 - الجزء 11

  غير ملوم. فغضب الحارث من ذلك وقال:

  شعر الحارث حين أمره حاجب بالتنحي ورد حاجب عليه:

  لعمري لقد جاورت في حيّ وائل ... ومن وائل جاورت في حيّ تغلب

  فأصبحت في حيّ الأراقم لم يقل ... لي القوم يا حار بن ظالم اذهب

  وقد كان ظنّي إذ عقلت إليكم ... بني عدس ظنّي بأصحاب يثرب

  غداة أتاهم تبّع في جنوده ... فلم يسلموا المرين⁣(⁣١) من حيّ يحصب

  فإن تك في عليا هوازن شوكة ... تخاف ففيكم حدّ ناب ومحلب

  وإن يمنع المرء الزّراريّ جاره ... فأعجب بها من حاجب ثم أعجب

  فغضب حاجب فقال:

  لعمر أبيك الخير يا حار إنني ... لأمنع جارا من كليب بن وائل

  وقد علم الحيّ المعدّيّ أنّنا ... على ذاك كنّا في الخطوب الأوائل

  وأنّا إذا ما خاف⁣(⁣٢) جار ظلامة ... لبسنا له ثوبي وفاء ونائل

  وأنّ تميما لم تحارب قبيلة ... من النّاس إلا أولعت بالكواهل

  ولو حاربتنا عامر يا بن ظالم ... لعضت علينا عامر بالأنامل

  ولاستيقنت عليا هوازن أنّنا ... سنوطئها في دارها بالقنابل⁣(⁣٣)

  ولكنّني لا أبعث الحرب ظالما ... ولو هجتها لم ألف شحمة آكل

  / قال: فتنحّى الحارث بن ظالم عن بني زرارة فلحق بعروض اليمامة. ودعا معبدا ولقيطا ابني زرارة فقال: سيرا في الظَّعن، فموعدكما رحرحان؛ فإنّا مقيمون في حامية الخيل حتى تأتينا بنو عامر. وخرج عامر بن مالك إلى قومه بالخبر. فقالوا: ما ترى؟ قال: أن ندعهم بمكانهم ونسبقهم إلى الظَّعن. قال: فلقوها برحرحان، فاقتتلوا قتالا شديدا فأصابوها، وأسر معبد وجرح لقيط. فبعثوا بمعبد إلى رجل بالطائف كان يعذّب الأسرى. فقطَّعه إربا إربا حتى قتله. وقال عامر⁣(⁣٤) بن مالك يردّ على حاجب قوله:


(١) كذا في «الأصول». وإن صحت هذه الحروف فلعل صوابه «المرأين» مثنى المرء، أو لعل «المرين» جمع مري (نسبة إلى مرة) بحذف ياء النسب، كما يقال أشعرون جمع أشعريّ. ولم نهتد إلى هذه الحادثة التي يشير إليها الحارث بن ظالم فيما رجعنا إليه من المظان.

(٢) في «الأصول الخطية»: «إذا ما خاف جاء ظلامه». وفي «س، ب»: «إذا ما جاء جاء ...». وقد أثبتناه كما ترى لاستقامة المعنى به مع مناسبته لسياق الكلام.

(٣) في «الأصول»: «القبائل». والتصويب للأستاذ المرحوم الشنقيطي في نسخته. والقنابل: الجماعات من الخيل والناس، والواحدة قنبلة وقنبل (بالفتح فيهما).

(٤) في «الأصول»: «عمر بن مالك» والتصويب للمرحوم الشنقيطي في نسخته.