ذكر مقتل خالد بن جعفر بن كلاب
  شعر لعامر بن مالك يرد به على حاجب:
  ألكني(١) إلى المرء الزّراريّ حاجب ... رئيس تميم في الخطوب الأوائل
  وفارسها في كلّ يوم كريهة ... وخير تميم بين حاف وناعل
  لعمري لقد دافعت عن حيّ مالك ... شآبيب(٢) من حرب تلقّح حائل(٣)
  على كل جرداء السّراة طمرّة ... وأجرد خوّار العنان مناقل(٤)
  / نصحت له إذ قلت إن كنت لاحقا ... بقوم فلا تعدل بأبناء وائل
  / ولو ألجأته(٥) عصبة تغلبيّة ... لسرنا إليهم بالقنا والقنابل(٦)
  ولو رمتم أن تمنعوه رأيتم ... هناك أمورا غيّها غير طائل
  لشاب وليد الحيّ قبل مشيبه ... وعضّت تميم كلَّها بالأنامل
  وقامت رجال منكم خندقيّة ... ينادون جهرا ليتنا لم نقاتل
  قتل الحارث لابن النعمان:
  قال: فخرج الحارث بن ظالم من فوره ذلك حتى أتى سلمى بنت ظالم وفي حجرها ابن النّعمان، فقال لها: إنه لن يجيرني من النّعمان إلا تحرّمي بابنه، فادفعيه إليّ. وقد كان النّعمان بعث إلى جارات للحارث بن ظالم فسباهنّ؛ فدعاه ذلك إلى قتل الغلام فقتله.
  أخذ النعمان عم الحارث فاعتذر إليه فخلى عنه، وقال شعرا:
  فوثب النّعمان على عم الحارث بن ظالم فقال له: لأقتلنّك أو لتأتينّي بابن أخيك. فاعتذر إليه فخلَّى عنه.
  فأقبل ينطلق فقال:
  يا حار إنّي(٧) أحيا من مخبّأة ... وأنت أجرأ من ذي لبدة ضاري(٨)
(١) ألكني إلى فلان أي كن رسولي إليه. يقال: ألك بين القوم ألكا وألوكا إذا ترسل. والاسم منه الألوك والألوكة والمألكة والمألك (بضم اللام فيهما) بمعنى الرسالة. فإذا عدّيته بالهمزة قلت ألكته إليه برسالة. والأصل فيه «أألكته» بهمزتين، فأخرت الهمزة بعد اللام وخففت بنقل حركتها إلى ما قبلها وحذفت. فإن أمرت من هذا الفعل المتعدي بالهمزة قلت ألكني إليها برسالة. وكان مقتضى هذا اللفظ أن يكون معناه أرسلني إليها برسالة، إلا أنه جاء على القلب؛ إذ المعنى: كن رسولي إليها بهذه الرسالة. (عن «لسان العرب» في مادة ألك).
(٢) كذا في «ح». وفي «أكثر الأصول»: «سبائب» وهو تحريف. والشآبيب: جمع شؤبوب. وشؤبوب كل شيء: حده، أو الدفعة منه.
(٣) يقال: تلقحت الناقة إذا شالت بذنبها لترى أنها لاقح وهي ليست كذلك. وحائل: غير حامل.
(٤) الأجرد من الخيل: القصير الشعر، والخيل تمدح بذلك. والسراة: الظهر. والطمرة: أنثى الطمر (ويقال فيه الطمرير والطمرور) وهو الفرس الجواد، أو المشمر الخلق، أو المستفز للوثب والعدو، أو الطويل القوائم الخفيف. وفرس خوار العنان: سهل المعطف (أي إذا عطف كان لينا سهل الانقياد). والمناقل من الخيل: الذي يتقي في عدوه الحجارة وهو أن يضع يديه ورجله على غير حجر لحسن نقله في الحجارة.
(٥) ألجأته هنا: عصمته.
(٦) القنابل: الجماعات من الناس ومن الخيل الواحدة قنبلة وقنبل (بالفتح فيهما).
(٧) في «الأصول»: «إنك». والتصويب للمرحوم الشنقيطي في نسخته.
(٨) الضاري من السباع: الذي يضري بالصيد ويلهج بالفرائس.