ذكر مقتل خالد بن جعفر بن كلاب
  علوت بذي الحيّات(١) مفرق رأسه ... وكان سلاحي تجتويه(٢) الجماجم
  / فتكت به فتكا(٣) كفتكي بخالد ... وهل يركب المكروه إلا الأكارم
  بدأت بهذي ثم أثني بمثلها ... وثالثة(٤) تبيضّ منها المقادم
  شفيت غليل(٥) الصدر منه بضربة ... كذلك يأبى المغضبون القماقم(٦)
  فقال النعمان بن المنذر: ما يعني بالثالثة غيري. قال سنان بن أبي حارثة المرّيّ - وهو يومئذ رأس غطفان -: أبيت اللَّعن! واللَّه ما ذمّة الحارث لنا بذمّة، ولا جاره لنا بجار، ولو أمّنته ما أمّناه. فبلغ ابن ظالم قول سنان بن أبي حارثة، فقال في ذلك:
  شعر للحارث يخاطب به النعمان:
  ألا أبلغ النّعمان عنّي رسالة ... فكيف بخطَّاب الحطوب الأعاظم
  / وأنت طويل البغي أبلخ(٧) معور(٨) ... فزوع إذا ما خيف إحدى العظائم
  فما غرّه والمرء يدرك وتره ... بأروع ماضي الهمّ من آل ظالم
  أخي ثقة ماضي الجنان مشيّع(٩) ... كميش(١٠) التّوالي عند صدق العزائم
  فأقسم لولا من تعرّض دونه ... لعولي بهنديّ الحديدة صارم
  فأقتل أقواما لئاما أذلَّة ... يعضّون من غيظ أصول الأباهم
  تمنّى سنان ضلَّة أن يخيفني ... ويأمن، ما هذا بفعل المسالم
  تمنّيت جهدا أن تضيع ظلامتي ... كذبت وربّ الراقصات الرّواسم(١١)
  يمين امرئ لم يرضع اللَّؤم ثديه ... ولم تتكنّفه عروق الألائم
(١) ذو الحيات: اسم سيف الحارث، كانت على سيفه تماثيل حيات.
(٢) كذا في «ديوان المفضليات». وفي شرحه: «وقال يعقوب تجتويه لا يوافقها. يقال اجتويت بلدة كذا إذا لم توافقني». وفي «الأصول» و «الكامل» لابن الأثير. «تحتويه» بالحاء.
(٣) رواية «المفضليات» و «الكامل» لابن الأثير و «الأصول» فيما سيأتي:
فتكت به كما فتكت بخالد
(٤) ويروى: «وثالثة» بالرفع.
(٥) في «الأصول»: «عليك» وهو تحريف.
(٦) القماقم: جمع قمقام، وهو من الرجال: السيد الكثير الخير الواسع الفضل.
(٧) الأبلخ: المتكبر في نفسه الجريء على ما يأتي من الفجور. وفي «ج»: «أبلح» بالحاء المهملة. وفي «سائر الأصول»: «أبلج» بالجيم. والأبلج (بالجيم) وصف مدح فلا يناسب الهجو هنا.
(٨) معور: قبيح السريرة، أو مريب.
(٩) المشيع: الشجاع، لأن قلبه لا يخذله فكأنه يشيعه، أو لأن نفسه تشيعه على ما يقدم عليه - ومثله تشايعه - أي تتبعه وتشجعه.
(١٠) كميش التوالي: يريد أنه مشمر جادّ. وتوالي كل شيء: أواخره.
(١١) رقص الإبل: ضرب من سيرها وهو الخبب. والرسيم: ضرب من سيرها أيضا وهو فوق الذميل. والذميل: سيرلين.