كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر مقتل خالد بن جعفر بن كلاب

صفحة 82 - الجزء 11

  أدعى⁣(⁣١) لباخيّا⁣(⁣٢) ... مملَّاء عيّا

  وأخذ ابن الخمس سيف الحارث بن ظالم المعلوب، فأتى به سوق عكاظ في الحرم، فجعل يعرضه على البيع ويقول: هذا سيف الحارث بن ظالم. فاسترآه إيّاه⁣(⁣٣) قيس بن زهير بن جذيمة فأراه إيّاه، فعلاه به حتى قتله في الحرم. فقال قيس بن زهير⁣(⁣٤) يرثي الحارث بن ظالم:

  /

  ما قصرت⁣(⁣٥) من حاضن ستر بيتها ... أبرّ وأوفى منك حار بن ظالم

  أعزّ وأحمى⁣(⁣٦) عند جار وذمّة ... وأضرب في كأب من النّقع قاتم

  هذه رواية أبي عبيدة والبصريّين. وأمّا الكوفيون فإنهم يذكرون أنّ النّعمان بن المنذر هو الذي قتله. أخبرني بذلك عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثنا أبو سعيد عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابيّ عن المفضّل قال:

  لمّا هرب الحارث إلى مكة أسف النّعمان بن المنذر على فوته إيّاه، فلطف⁣(⁣٧) له وراسله وأعطاه الأمان، وأشهد على نفسه وجوه العرب من ربيعة ومضر واليمن أنه لا يطلبه بذحل ولا يسوءه في حال، وأرسل به مع جماعة ليسكن الحارث إليهم، وأمرهم أن يتكفلوا له بالوفاء ويضمنوا له عنه أنه لا يهجيه، ففعلوا ذلك. وسكن إليه الحارث، فأتى النعمان وهو في قصر بني مقاتل، فقال للحاجب: استأذن لي، والناس يومئذ عند النعمان متوافرون، فاستأذن له، فقال النعمان: ائذن له وخذ سيفه. فقال له: ضع سيفك وادخل. فقال الحارث: ولم أضعه؟ قال:

  ضعه، فلا بأس عليك. فلمّا ألحّ عليه وضعه ودخل ومعه الأمان. فلمّا دخل قال: أنعم صباحا أبيت اللَّعن. قال: لا أنعم اللَّه صباحك!. فقال الحارث: هذا كتابك!. قال النّعمان: كتابي واللَّه ما أنكره، أنا كتبته لك، وقد غدرت وفتكت مرارا، فلا ضير أن غدرت بك مرّة. ثم نادى: من يقتل هذا؟ فقام ابن الخمس التغلبيّ - وكان الحارث فتك بأبيه - فقال: أنا أقتله. وذكر باقي الخبر في قصّته مع ابن الخمس [مثل] ما ذكره أبو عبيدة.


= عمل أصاغر الناس لا السادة والأشراف. والضجعي بكسر (الضاد وضمها): الذي يلزم البيت لا يكاد يبرح منزله ولا ينهض لمكرمة.

(١) لعلها «تدعى» لأن الظاهر أنه خطاب للحارث.

(٢) لباخي: ضخم كثير اللحم.

(٣) استرآه إياه: طلب إليه أن يريه إياه. وفي «الأصول»: «فاشتراه» وهو تصحيف.

(٤) كذا في «س». وفي «سائر الأصول»: «قيس بن زحك».

(٥) قصر الستر: أرخاه. ولعل نصب «أبر» على حذف الجار؛ أي ما أرخت حاضن ستر بيتها على أبر وأوفى منك ... إلخ.

(٦) في «أ، م»: «وأوفى».

(٧) في «أساس البلاغة» أنه يقال في المدينة «ألطف له في القول».