كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

يوم شعب جبله

صفحة 104 - الجزء 11

  ويوم الشّعب قد تركوا لقيطا ... كأنّ عليه حلَّة أرجوان⁣(⁣١)

  وكبّل⁣(⁣٢) حاجب بشمام⁣(⁣٣) حولا ... فحكَّم ذا الرّقيبة وهو عاني

  وأمّا عمرو بن [عمرو بن] عدس فأفلت يومئذ. فزعمت بنو سليم أنّ الخيل عرضت على مرداس بن أبي عامر يوم جبلة، وكان أبصر الناس بالخيل، فعرضت عليه فرس لغلام من بني كلاب، فقال: واللَّه لا أعجزها ولا أدركها ذكر ولا أنثى؛ فهذا ردائي بها وخمس وعشرون ناقة. فلمّا انهزم الناس يوم جبلة خرج الكلابيّ على فرسه تلك يطلب عمرو بن عمرو. قال⁣(⁣٤) الكلابيّ: فراكضته نهارا على السّواء، واللَّه ما علمت أنه سبقني بمقدار أعرفه، ثم زاد مكانه ونقصت⁣(⁣٥). فقلت: قمر واللَّه مرداس. وهوى عمرو إلى فرسه فضربها⁣(⁣٦) بالسّوط فانكشفت، فإذا هي خنثى، لا ذكر ولا أنثى، فأخبرتهم أنّي سبقت. فقالوا: قمر السّلميّ. فقلت لا، ثم أخبرتهم الخبر. فقال مرداس:

  تمطَّت كميت كالهراوة ضامر ... لعمرو بن عمرو بعد ما مسّ باليد

  / فلو لا مدى الخنثى وبعد جرائها ... لقاظ ضعيف النّهض حقّ مقيّد⁣(⁣٧)

  تذكَّر ربطا⁣(⁣٨) بالعراق وراحة ... وقد خفق الأسياف فوق المقلَّد⁣(⁣٩)

  وزعم علماء بني عامر⁣(⁣١٠) أنه لمّا انهزم الناس خرجت بنو عامر وحلفاؤهم في آثارهم يقتلون / ويأسرون ويسلبون، فلحق قيس بن المنتفق بن عامر [بن طفيل⁣(⁣١١)] بن عقيل بن عمرو بن عمرو فأسره. فأقبل الحارث بن الأبرص بن ربيعة بن عقيل في سرعان الخيل⁣(⁣١٢)، فرآه عمرو مقبلا فقال لقيس: إن أدركني الحارث قتلني وفاتك ما تلتمس عندي، فهل أنت محسن إليّ وإلى نفسك! تجزّ ناصيتي فتجعلها في كنانتك، ولك العهد لأفينّ لك، ففعل.

  وأدركهما الحارث وهو ينادي قيسا ويقول: اقتل اقتل. فلحق عمرو بقومه. فلمّا كان الشهر⁣(⁣١٣) الحرام خرج قيس إلى عمرو ويستثيبه، وتبعه الحارث بن الأبرص حتّى قدما على عمرو بن عمرو؛ فأمر عمرو بن عمر ابنة أخيه آمنة⁣(⁣١٤) بنت زيد بن عمرو فقال: اضربي على قيس الذي أنعم على عمّك هذه القبّة. وقد كان الحارث قتل أباها زيدا


(١) الأرجوان: صبغ أحمر شديد الحمرة.

(٢) وردت هذه الكلمة في «الأصول» محرفة، والتصويب من «النقائض».

(٣) شمام: موضع، ويروى بالكسر على البناء مثل قطام، وبالفتح على أنه لا ينصرف.

(٤) كذا في «النقائض». وفي «الأصول»: «وقال الكلابي» بزيادة الواو.

(٥) في «الأصول»: «ثم ذلك مكانه ونهضت». والتصويب من «النقائض».

(٦) في «ج» و «النقائض»: «ويهوى عمرو إلى فرسه فيضربها ...».

(٧) كذا في «ح» و «النقائض» (صفحة ٦٧١). ولعله يريد: لولا سرعة الخنثى لوقع أسيرا فأقام مدّة القيط ضعيف النهض حق مقيد، أي مقيدا حق التقييد، وورد هذا الشطر في «سائر الأصول» محرفا. ويروى هذا البيت في «النقائض» (صفحة ٤٠٩):

فلو لا مدى الخنثى وطول جرائها ... لرحت بطيء المشي حق مقيد

(٨) في «ج»: «ريطا» والربط (بضمتين وسكنت عينه هنا، وهذا التسكين جائز في مثل هذا الجمع، والواحد ربيط): جماعات الخيل.

(٩) خفوق السيف اضطرابه. والمقلد: موضع القلادة من العنق، وموضع نجاد السيف على المنكبين.

(١٠) هذه عبارة «النقائض». وفي «ج»: «وزعم علماء بني أنه». وفي «أكثر الأصول»: «وزعم علماؤنا أنهم لما انهزم الناس ...».

(١١) الزيادة من «النقائض».

(١٢) سرعان الخيل (بفتح الراء وسكونها): أوائلها.

(١٣) كذا في «النقائض». وفي «الأصول»: «في الشهر الحرام» بزيادة «في».

(١٤) في «النقائض» «أمية».