يوم شعب جبله
  /
  فإنّ بأكناف البحار(١) إلى الملا ... وذي النّخل مصحى إن صحوت(٢) ومسكرا
  وأرعى من الأظلاف(٣) أثلا وحمضة(٤) ... وترعى من الأطواء أثلا وعرعرا
  وانصرف يومئذ سنان بن أبي حارثة المرّيّ في بني ذبيان على حاميته، فلحق بهم معاوية بن الصّموت بن الكامل(٥) الكلابيّ، وكان يسمّى الأسد المجدّع، ومعه حرملة العكليّ ونفر من النّاس، فلحق بسنان بن أبي حارثة ومالك بن حمار الفزاريّ في سبعين فارسا من بني ذبيان. فقال سنان: يا مالك كرّ واحمنا ولك خولة بنت سنان ابنتي أزوّجكها. فكرّ مالك فقتل معاوية، ثم اتّبعه حرملة العكليّ وهو يقول:
  لأيّ يوم يخبأ المرء السّعه ... مودّع ولا ترى(٦) فيه الدّعه
  فكَّر عليه مالك فقتله، ثم اتّبعه رجل من بني كلاب، فكرّ عليه مالك فقتله، ثم اتّبعه رجلان من قيس كبّة من بجيلة، فكرّ عليهما فقتلهما، ومضى مالك وأصحابه. فقال مالك في ذلك:
  /
  ولقد صددت عن الغنيمة حرملا ... ولقيته لددا(٧) وخيلي تطرد
  أقبلته(٨) صدر الأغرّ وصارما ... ذكرا فخرّ على اليدين الأبعد
  وابن الصموت تركت حين لقيته ... في صدر مارنة يقوم ويقعد
  وابنا ربيعة في الغبار كلاهما ... وابنا غنيّ عامر والأسود(٩)
  / حتى تنفّس بعد نكظ مجحرا(١٠) ... أذهبت عنه والفرائص ترعد
  - النكظ الجهد. قال: -
  يعدو ببزّي سابح ذو ميعة ... نهد المراكل ذو تليل(١١) أقود
(١) كذا في «النقائض». وفي «ج، ب، س»: «فإن بأكناف الرحال» وفي «أ، م»: «فإن بأكناف النجار». وهما تحريف. والبحار: جمع بحرة (بالفتح) وهي الفجوة من الأرض تتسع، أو هي الوادي الصغير يكون في الأرض الغليظة، أو هي الروضة العظيمة مع سعة.
والملا: الأرض الواسعة أو الفلاة.
(٢) كذا في «النقائض». وفي «الأصول»: «إن سمعت».
(٣) في «النقائض»: «من الأكلاء». والأظلاف: جمع ظلف (بالتحريك) وهو ما غلظ من الأرض وصلب.
(٤) كذا في «النقائض». ولعل المراد بالحمضة الحمض لحقته هاء التأنيث. والحمض من النبات: كل نبت مالح أو حامض يقوم على سوق ولا أصل له. وفي «ج»: «وخضمة» بالضاد المعجمة. وفي «أ، م»: «وخصمة» بالصاد المهملة. وفي «ب، س»:
«وخطمة».
(٥) كذا في «أكثر الأصول». وفي «ج»: «الكاهن». وفي «النقائض»: «الكاهل». ولم نهتد لوجه الصواب فيه.
(٦) في «الأصول»: «ولا يرى فيها الدعة» والتصويب من «النقائض». والمودّع: المترف المنعم. والدعة هنا: الخفض في العيش والراحة. يقول: هو مترف منعم ولا ترى عليه آثار النعمة.
(٧) وردت هذه الكلمة في «الأصول» مضطربة؛ ففي «ب، س»: «لدا». وفي «أ، م»: «لدوا». وفي «ج»: «للدا». والتصويب من «النقائض»، والرواية فيها: «وبغيته لددا». واللدد: مصدر لددت فلانا ألده إذا خصمته وجادلته.
(٨) أقبلت الشيء الشيء: جعلته قبالته.
(٩) رواية «النقائض»:
وابنا بجيلة في الغبار كلاهما ... وابن الغني وعامر والأسود
(١٠) المجحر: المضطر الملجأ.
(١١) في «الأصول»: «يعدو بين» بدون الياء. والتصويب من «النقائض». والسابح: الفرس الحسن مدّ اليدين في الجري. وميعة كل شيء: