يوم شعب جبله
  فخطب إليه مالك خولة فأبى أن يزوّجه.
  وأمّا بنو جعفر فيزعمون أن عروة الرّحّال بن عتبة بن جعفر وجد سنان بن أبي حارثة وابنيه هرما ويزيد على غدير قد كاد العطش أن يهلكهم، فجرّ نواصيهم وأعتقهم. ثم إن عروة أتى سنانا بعد ذلك يستثيبه ثوابا يرضاه [فلم يثبه شيئا(١)].
  فقال عروة في ذلك:
  ألا من مبلغ عنّي سنانا ... ألوكا لا أريد بها عتابا
  أفي الخضراء تقسم هجمتيكم(٢) ... وعروة لم يثب إلا التّرابا
  / فلو كان الجعافر طاوعوني ... غداة الشّعب لم تذق(٣) الشّرابا
  أتجزي القين نعمتها عليكم ... ولا تجزي بنعمتها كلابا
  وأمّا بنو عامر فيزعمون أن سنانا انصرف ذات يوم هو وناس من طيّئ وغيرهم قبل الوقعة، فبلغه أنّ بني عامر يقولون: مننّا عليه؛ فأنشأ يقول:
  واللَّه ما منّوا ولكن شكَّتي ... منّت وحادرة المناكب صلدم(٤)
  بخرير شول(٥) يوم يدعى عامر ... لا عاجز ورع(٦) ولا مستسلم
  وأمّا بارق فتدّعي أسر سنان يومئذ على الثّواب، ثم أتوه فلم يصنع بهم خيرا. فقال معقّر بن أوس بن حمار البارقيّ:
  متى تك في ذبيان منك صنيعة ... فلا تحمدنها الدّهر بعد سنان
  يظلّ يمنّينها بحسن ثوابه(٧) ... لكم مائة يحدو بها فرسان
  مخاض أؤدّيها وجلّ لقائح(٨) ... وأكرم مثوى منكم من أتاني
  / فجئناه للنّعمى فكان ثوابه ... رغوث ووطبا حازر مذقان(٩)
= أوّله وأنشطه. والنهد: الجسم المرتفع. ومركل الدابة: حيث يركله الراكب برجله ليحثه على السير. والتليل: العنق. والأقود: إن كان وصفا لنهد فهو المنقاد الذليل، وإن كان وصفا لتليل فهو الطويل، ويكون في البيت إقواء.
(١) زيادة عن «النقائض».
(٢) الخضراء من الناس: سوادهم ومعظمهم. والهجمة: القطعة الضخمة من الإبل واختلف في مقدارها على عدة أقوال.
(٣) في «الأصول»: «يذق» بالياء المثناة من تحت. والتصويب من «النقائض».
(٤) الشكة: السلاح. وحادرة المناكب: غليظتها. والمناكب: جمع منكب (بكسر الكاف) وهو من الإنسان وغيره مجتمع رأس الكتف والعضد. وقد عللوا ورود الجمع في مثل هذا فقال اللحياني: هو من الواحد الذي يفرّق فيجعل جمعا، والعرب تفعل هذا كثيرا.
وقياس قول سيبويه أن يكونوا ذهبوا في ذلك إلى تعظيم العضو، كأنهم جعلوا كل طائفة منه منكبا. وصلدم: صلب شديد أو هو شديد الحاقر. ويلحظ أن «حادرة المناكب» وصف لأنثى، «وصلدما» وصف مذكر، والأنثى «صلدمة» بهاء التأنيث.
(٥) في «ج»: «بجزير سول». وفي «النقائض»: بجزير سول «بحاء مهملة وزايين معجمتين وقد أثبتنا ما ورد فيه.
(٦) الورع: الجبان. والضعيف في رأيه وعقله وبدنه.
(٧) في «أكثر الأصول»: «يظل فينأى محسن بثوابه» والتصويب من «ج» و «النقائض».
(٨) ورد هذا الشطر في «النقائض» هكذا:
مخاض أؤديها لقائح مائة
(٩) في «أكثر الأصول»: رغوثا ووطبا خازرا «والتصويب من» ج «و» النقائض. والمراد بالرغوث هنا: ذات اللبن. والوطب: سقاء