كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

يوم شعب جبله

صفحة 112 - الجزء 11

  مطلق في مجرى البنصر. وفيه لحن من الثقيل الأوّل قديم.

  عمليق ملك طسم وجديس وسبب قتله:

  أخبرني بهذا الشعر والسبب الذي من أجله قيل عليّ بن سليمان الأخفش عن السّكَّريّ عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابي عن المفضّل أن عمليقا ملك طسم بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح #، وجديس بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح #، وكانت منازلهم في موضع اليمامة، كان⁣(⁣١) في أوّل مملكته قد تمادى في الظَّلم والغشم والسّيرة بغير الحقّ، وأنّ امرأة من جديس كان يقال لها هزيلة، وكان لها زوج يقال له قرقس⁣(⁣٢)، فطلَّقها وأراد أخذ ولدها منها، فخاصمته إلى عمليق، فقالت: «يا أيها الملك إنّي حملته تسعا، ووضعته دفعا، وأرضعته شفعا، حتى إذا تمّت أوصاله، ودنا فصاله، أراد أن يأخذه منّي كرها، ويتركني من بعده ورها⁣(⁣٣)». فقال لزوجها:

  ما حجّتك؟ قال: «حجّتي أيها الملك أنّي قد أعطيتها المهر كاملا، ولم أصب منها طائلا، إلَّا وليدا خاملا⁣(⁣٤)، فافعل ما كنت فاعلا. فأمر بالغلام أن ينزع منهما جميعا ويجعل في غلمانه، وقال لهزيلة:» ابغيه ولدا، / ولا تنكحي أحدا، واجزيه صفدا⁣(⁣٥). فقالت هزيلة:» أمّا النكاح فإنما يكون بالمهر، وأمّا السّفاح فإنما يكون بالقهر، وما لي فيهما من أمر. فلما سمع ذلك عمليق أمر بأن تباع هي وزوجها، فيعطى زوجها خمس ثمنها، وتعطى هزيلة عشر ثمن زوجها. فأنشأت تقول:

  أتينا أخا طسم ليحكم بيننا ... فأنفذ حكما في هزيلة ظالما

  لعمري لقد حكَّمت لا متورّعا ... ولا كنت فيما تبرم⁣(⁣٦) الحكم عالما

  ندمت ولم أندم وأنّى بعثرتي⁣(⁣٧) ... وأصبح بعلي في الحكومة نادما

  أمر ألا تزوّج بكر من جديس حتى يفترعها:

  فلمّا سمع عمليق قولها أمر ألَّا تزوّج بكر من جديس وتهدى إلى زوجها حتى يفترعها هو قبل زوجها، فلقوا من ذلك بلاء وجهدا وذلَّا. فلم يزل يفعل هذا حتى زوّجت الشّموس وهي عفيرة بنت عبّاد أخت الأسود الذي وقع⁣(⁣٨) إلى جبل طيّئ فقتلته طيئ وسكنوا الجبل من بعده. فلمّا أرادوا حملها إلى زوجها انطلقوا بها إلى عمليق لينالها قبله، ومعها القيان يتغنّين:

  ابدي⁣(⁣٩) بعمليق وقومي فاركبي ... وبادري الصّبح لأمر معجب


(١) في «الأصول الخطية»: «وكان ...» بزيادة الواو وهو تحريف.

(٢) كذا في «ح». وفي «أ، م»: «فرس». وفي «ب، س»: «ما شق». ولم نهتد إليه.

(٣) كذا في «الأصول»: وكتاب «الكامل» لابن الأثير. والورهاء (بالمد وقصرت هنا للسجع): الخرقاء. وفي نسخة من كتاب «الكامل» لابن الأثير أشير إليها في ذيل النسخة المطبوعة في أوروبا: «ولهى». والوله: الحزن وذهاب العقل لفقدان الحبيب. وهذه الرواية هي المناسبة هنا.

(٤) في «الأصول»: «حاملا» بالحاء المهملة، والتصويب من «الكامل» لابن الأثير و «الصبح المنير».

(٥) الصفد (بالتحريك): العطاء.

(٦) في «الأصول»: «يبرم» بالياء المثناة من تحت. وفي «الكامل» لابن الأثير: «فيمن يبرم». وفي «الصبح المنير»: «ممن يبرم».

(٧) كذا في «ح» و «الكامل» لابن الأثير. وفي «ب، س»: لعترتي. وفي» أ، م «:» قدمت ولم أندم وأني بعترتي. وكلاهما تحريف.

(٨) في «ب، س»: «دفع».

(٩) ابدي: أمر للأنثى من «بدأ» مع تسهيل الهمزة.