كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عائشة بنت طلحة ونسبها

صفحة 122 - الجزء 11

  وصفحة الوجه، فرعاء⁣(⁣١) الشعر: لفّاء الفخذين، ممتلئة الصدر، خميصة⁣(⁣٢) البطن، ذات عكن، ضخمة السّرّة، مسرولة الساق. يرتجّ ما بين أعلاها إلى قدميها. وفيها عيبان، أمّا أحدهما فيواريه الخمار، وأمّا الآخر فيواريه الخفّ: عظم القدم والأذن. وكانت عائشة كذلك. ثم قالت عزّة: وأما أنت يا بن أبي أحيحة فإني واللَّه ما رأيت مثل خلق عائشة بنت عثمان لامرأة قطَّ، ليس فيها عيب. واللَّه لكأنما أفرغت إفراغا، ولكن في الوجه ردّة⁣(⁣٣)، وإن استشرتني أشرت عليك بوجه تستأنس به. وأمّا أنت يا بن الصّدّيق فو اللَّه ما رأيت مثل أمّ القاسم، كأنها خوط⁣(⁣٤) بانة تنثني، وكأنها جدل عنان، أو كأنها جانّ⁣(⁣٥) يتثنّى على رمل، لو شئت أن تعقد أطرافها لفعلت. ولكنها شختة الصدر وأنت عريض الصدر؛ فإذا كان ذلك كان قبيحا، / لا واللَّه حتى يملأ كلّ شيء مثله. قال: فوصلها الرجال والنساء وتزوجوهن.

  / أمها، وخالتها، وزواجها من ابن خالها وأولادها منه:

  / أخبرني الطَّوسيّ وحرميّ عن الزّبير عن عمّه، وأخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن الزبيريّ والمدائنيّ، ونسخت بعض هذه الأخبار من كتاب أحمد بن الحارث عن المدائنيّ وجمعت ذلك، قالوا جميعا:

  إنّ أمّ عائشة بنت طلحة أمّ كلثوم بنت أبي بكر الصّدّيق، وأمها حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير من بني الخزرج بن الحارث. قالوا: وكانت عائشة بنت طلحة تشبّه بعائشة أمّ المؤمنين خالتها. فزوّجتها عائشة عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي بكر وهو ابن أخيها وابن خال عائشة بنت طلحة، وهو أبو عذرها⁣(⁣٦)، فلم تلد من أحد من أزواجها سواه؛ ولدت له عمران وبه كانت تكنى، وعبد الرحمن، وأبا بكر، وطلحة، ونفيسة وتزوّجها الوليد بن عبد الملك، ولكلّ هؤلاء عقب. وكان ابنها طلحة من أجواد قريش، وله يقول الحزين الدّيليّ:

  فإن تك يا طلح أعطيتني ... عذافرة⁣(⁣٧) تستخفّ الضّفار⁣(⁣٨)

  فما كان نفعك لي مرّة ... ولا مرّتين ولكن مرارا

  أبوك الذي صدّق المصطفى ... وسار مع المصطفى حيث سارا

  وأمّك بيضاء تيميّة ... إذا نسب الناس كانوا نضارا

  مصارمتها لزوجها وإيلاؤه منها:

  قال: فصارمت عائشة بنت طلحة زوجها، وخرجت من دارها غضبى، فمرّت في المسجد وعليها ملحفة تريد عائشة


(١) فرعاء الشعر: طويلته. واللفف في الفخذين: التفافهما أو ضخامتهما واكتناز لحمهما.

(٢) خميصة البطن: ضامرته. والعكن: الأطواء في البطن من السمن، الواحدة عكنة (بالضم).

(٣) الردّة: القبح مع شيء من الجمال.

(٤) الخوط: الغصن الناعم.

(٥) كذا في «ج». والجان هنا: حية كحلاء العينين لا تؤذي. شبهتها بالحية في اللين. وفي «سائر الأصول»: «أو كأنها خشف».

والخشف (مثلثة الخاء): ولد الظبية.

(٦) أبو عذر المرأة وأبو عذرتها: الذي اقتضها وافترعها.

(٧) العذافرة: الناقة الشديدة العظيمة.

(٨) كذا في «ج». والضفار (بفتح الضاد): ما يشدّ به البعير من الشعر المضفور. أي تستخف زمامها لقوّتها. وفي «سائر الأصول»:

«تستخف العقارا». ولعله «القفار» بالقاف بدل العين.