نسب عمرو بن شأس وأخباره
  حذارا على ما كان قدّم والدي ... إذا روّحتهم حرجف تطرد الصّرم
  وأترك ندماني(١) يجرّ ثيابه ... وأوصاله من غير جرح ولا سقم
  ولكنّها من ريّة بعد ريّة ... معتّقة صهباء راووقها رذم(٢)
  من العانيات(٣) من مدام كأنها ... مذابح غزلان يطيب بها الشّمم
  وإذ إخوتي حولي وإذ أنا شامخ ... وإذ لا أجيب العاذلات من الصمم
  ألم يأتها أنّي صحوت وأنّني ... تحالمت حتى ما أعارم من عرم(٤)
  وأطرقت إطراق الشّجاع ولو يرى ... مساغا لنابيه الشجاع لقد أزم(٥)
  وقد علمت سعد بأنّي عميدها ... قديما وأنّي لست أهضم من هضم
  - يقول: لا أظلم أحدا من قومي وأتهضّمه(٦) فيطلبني بمثل ذلك، أي أرفع نفسي عن هذا -
  خزيمة ردّاني(٧) الفعال ومعشر(٨) ... قديما بنوا لي سورة المجد والكرم
  / إذا ما وردنا الماء كانت حماته ... بنو أسد يوما على رغم من رغم(٩)
  أرادت عرارا بالهوان ومن يرد ... عرارا لعمري بالهوان فقد ظلم
  لما يئس من الصلح بين امرأته وابنه طلقها ثم ندم وقال شعرا:
  وذكر باقي الأبيات. قال ابن الأعرابيّ وأبو بكر الشّيبانيّ: فجهد عمرو بن شأس أن يصلح بين ابنه وامرأته أمّ حسّان فلم يمكنه ذلك، وجعل الشرّ يزيد بينهما. فلمّا رأى ذلك طلَّقها، قم ندم ولام نفسه؛ فقال في ذلك:
  تذكَّر ذكرى أمّ حسّان فاقشعر ... على دبر لمّا تبيّن ما ائتمر(١٠)
  فكدت أذوق الموت لو أنّ عاشقا ... أمر بموساه(١١) الشوارب فانتحر
= والأكم (بفتحتين وبضمتين): جمع أكمة (بفتحتين) وهي دون الجبل.
(١) الندمان: الذي يوافقك في شرابك. والأوصال: المفاصل، واحدها وصل (بكسر الواو وضمها).
(٢) راووق الخمر: ناجودها الذي تروّق فيه والرذم (بالتحريك): اسم من الامتلاء وصف به.
(٣) في «الأصول»: «من الغانيات» بالغين المعجمة، وهو تصحيف. والعانيات: الأسيرات، أي هي من المحتبسات في دنانها. وقوله «كأنها مذابح غزلان» يريد أن يصفها بطيب الريح، حتى كأنها مواضع شق نوافج المسك.
(٤) يقال: عرم يعرم (من بابي نصر وضرب) وعرم (بكسر عين الفعل) وعرم (بضمها) عرامة وعراما (بضم أوله) إذا اشتدّ.
(٥) الإطراق: السكوت في سكون. والشجاع هنا: الحية الذكر. وأزم عض؛ يقال: أزمه يأزمه وعليه (من باب ضرب) إذا عضه.
(٦) كذا في «ج». وفي «سائر الأصول»: «وانهضه». وهو تحريف.
(٧) ردّاني: ألبسني. والفعال (بالفتح): الخير. يريد: ورثني شمائل الخير.
(٨) كذا في «الأصول». وقد أثبتها المرحوم الشيخ سيد بن علي المرصفي في كتابه «أسرار الحماسة». «ومعشري» بياء المتكلم، وهي الأنسب بالسياق. وسورة المجد: يريد منزلة المجد. والسورة من البناء: ما حسن وطال.
(٩) الرغم (مثلث آراء) هنا: الكره والقسر. ورغم: ذل؛ يقال رغم أنف فلان (بفتح الغين وكسرها وضمها) إذا ذل وانقاد.
(١٠) دبر كل شيء: آخره. وأتمر هنا: عمل برأيه. والمؤتمر يصيب مرة ويخطئ أخرى. يقول: تذكر أم حسان أخيرا فاقشعر حين تبين له خطأ ما فعل.
(١١) في العبارة هنا قلب أي أمر موساه بالشواب. والشوارب هنا: عروق في الحلق. والانتحار هنا: قتل المرء نفسه.