شعر ليلى ونسبها وخبر توبة بن الحمير معها
  تستعين بنا عليك في عين تسقيها(١) وتحميها لها. ولست ليزيد إن شفّعتها في شيء من حاجاتها، لتقديمها أعرابيا جلفا على أمير المؤمنين. قال: فوثبت ليلى فقامت على رجلها واندفعت تقول:
  ستحملني ورحلي ذات وخد(٢) ... عليها بنت آباء كرام
  إذا جعلت سواد الشّأم جنبا ... وغلَّق دونها باب اللَّئام
  فليس بعائد أبدا إليهم ... ذوو الحاجات في غلس الظَّلام
  أعاتك لو رأيت غداء بنّا ... عزاء النّفس عنكم واعتزامي
  إذا لعلمت واستيقنت أنّي ... مشيّعة ولم ترعي ذمامي
  أأجعل مثل توبة في نداه ... أبا الذّبّان(٣) فوه الدّهر دامي
  / معاذ اللَّه ما عسفت(٤) برحلي ... تغذّ(٥) السّير للبلد التّهامي(٦)
  أقلت خليفة فسواه أحجى ... بإمرته وأولى باللَّثام
  لثام الملك حين تعدّ كعب(٧) ... ذوو الأخطار والخطط الجسام
  فقيل لها: أيّ الكعبين عنيت؟ قالت: ما أخال كعبا(٨) ككعبي.
  رواية أخرى في وفودها على الحجاج:
  أخبرنا اليزيديّ عن الخليل بن أسد عن العمريّ عن الهيثم بن عديّ عن أبي يعقوب الثّقفيّ عن عبد الملك بن عمير عن محمد بن الحجّاج بن يوسف قال:
  بينا الأمير جالس إذ استؤذن لليلى. فقال الحجّاج: ومن ليلى؟ قيل: الأخيليّة صاحبة توبة. قال: أدخلوها.
  فدخلت امرأة طويلة دعجاء العينين حسنة المشية إلى ألفوه(٩) ما هي، حسنة الثّغر، فسلَّمت فردّ الحجّاج عليها ورحّب بها فدنت، فقال الحجّاج: دراك(١٠) ضع لها وسادة يا غلام، فجلست. فقال: ما أعملك إلينا؟ قالت:
  السلام على الأمير، والقضاء لحقّه، والتعرّض لمعروفه. قال: وكيف خلفت قومك؟ قالت: تركتهم في حال خصب
(١) تسقيها أي تجعلها لها سقيا.
(٢) كذا في «مختار الأغاني». والوخد: ضرب من السير. وفي «الأصول»: «ذات رحل».
(٣) أبو الذبان، كنية عبد الملك بن مروان لشدّة بخره وموت الذباب إذا دنت من فيه. (عن كتاب «ما يعول عليه في المضاف والمضاف إليه»).
(٤) عسفت: سارت وخبطت.
(٥) في «الأصول»: «تعد» بالعين والدال المهملتين، وهو تصحيف.
(٦) في «مختار الأغاني»: «البلد الحرام».
(٧) في «الأصول»:
... تعد بكر ... ذوو الأخطار والخطى الحسام
وفي «ج»: «والخطو الحسام» والتصويب من «مختار الأغاني».
(٨) كعب: من آباء ليلى.
(٩) ألفوه: سعة الفم.
(١٠) كذا في «ج». ودراك: اسم فعل بمعنى أدرك. وفي «سائر الأصول»: «وراءك».