كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

شعر ليلى ونسبها وخبر توبة بن الحمير معها

صفحة 165 - الجزء 11

  وأمن ودعة. أمّا الخصب ففي الأموال والكلأ. وأمّا الأمن فقد أمّنهم اللَّه ø بك. وأمّا الدعة فقد خامرهم من خوفك ما أصلح بينهم. ثم قالت: ألا أنشدك؟ فقال: إذا شئت. فقالت:

  /

  [أحجّاج إنّ اللَّه أعطاك غاية ... يقصّر عنها من أراد مداها⁣(⁣١)]

  أحجّاج لا يفلل سلاحك إنّما ال ... منايا بكفّ اللَّه حيث تراها

  إذا هبط الحجّاج أرضا مريضة ... تتبّع أقصى دائها فشفاها

  شفاها من الدّاء العضال الَّذي بها ... غلام إذا هزّ القناة سقاها

  سقاها دماء المارقين وعلَّها ... إذا جمحت يوما وخيف أذاها

  / إذا سمع الحجّاج رزّ⁣(⁣٢) كتيبة ... أعدّ لها قبل النّزول قراها

  أعدّ لها مصقولة فارسيّة ... بأيدي رجال يحلبون صراها⁣(⁣٣)

  أحجّاج لا تعط العصاة مناهم ... ولا اللَّه يعطي للعصاة مناها

  ولا كلّ حلَّاف تقلَّد بيعة ... فأعظم عهد اللَّه ثم شراها

  فقال الحجّاج ليحيى بن منقذ، للَّه بلادها ما أشعرها!. فقال: ما لي بشعرها علم. فقال: عليّ بعبيدة بن موهب وكان حاجبه، فقال: أنشديه فأنشدته، فقال: عبيدة: هذه الشاعرة الكريمة، قد وجب حقّها. قال: ما أغناها عن شفاعتك! يا غلام مر لها بخمسمائة درهم؛ وأكسها خمسة أثواب أحدها كساء حّر، وأدخلها على ابنة عمّها هند بنت أسماء فقل لها: حلَّيها. فقالت: أصلح اللَّه الأمير. أضرّ بنا العريف في الصدقة، وقد خربت بلادنا، وانكسرت قلوبنا، فأخذ خيار المال. قال: اكتبوا لها إلى الحكم بن أيّوب فليبتع لها خمسة أجمال وليجعل أحدها نجيبا⁣(⁣٤)، / واكتبوا إلى صاحب اليمامة بعزل العريف الذي شكته. فقال ابن موهب: أصلح اللَّه الأمير، أأصلها؟ قال نعم، فوصلها بأربعمائة درهم، ووصلتها [هند⁣(⁣٥)] بثلاثمائة درهم، ووصلها محمد بن الحجّاج بوصيفتين.

  قال الهيثم: فذكرت هذا الحديث لإسحاق بن الجصّاص فكتبه عنّي، ثم حدّثني عن حمّاد الراوية قال: لمّا فرغت ليلى من شعرها أقبل الحجّاج على جلسائه فقال لهم: أتدرون من هذه؟ قالوا: لا! واللَّه ما رأينا امرأة أفصح ولا أبلغ منها ولا أحسن إنشادا. قال: هذه ليلى صاحبة توبة. ثم أقبل عليها فقال لها: باللَّه يا ليلى أرأيت من توبة أمرا تكرهينه أو سألك شيئا يعاب؟ قالت: لا واللَّه الذي أسأله المغفرة ما كان ذلك منه قطَّ. فقال: إذا لم يكن فيرحمنا اللَّه وإيّاه.

  أخبرني أحمد⁣(⁣٦) بن عبد العزيز الجوهري عن ابن شبّة عن عبد اللَّه بن محمد ابن حكيم الطائيّ عن خالد بن


(١) زيادة عن «مختار الأغاني».

(٢) كذا في «ج» و «الأمالي» لأبي علي القالي. والرز: الصوت تسمعه من بعيد. وفي «سائر الأصول»: «صوت كتيبة».

(٣) كذا في «الأمالي»: وفيه «مسمومة» بدل «مصقولة». وفي «أ، م»: «يحلبون مراها» وهو تحريف. وفي «سائر الأصول»: «يحسنون غذاها». والصري هنا بقية اللبن. والصري أيضا: اللبن يبقى فيتغير طعمه.

(٤) النجيب: الكريم.

(٥) التكملة من «مختار الأغاني».

(٦) في «الأصول»: «محمد بن عبد العزيز». وهو تحريف.