كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار العبلي ونسبه

صفحة 198 - الجزء 11

  أخبرني الحسن بن عليّ عن أحمد بن زهير عن مصعب الزّبيريّ قال:

  العبليّ عبد اللَّه بن عمر بن عبد اللَّه بن عليّ بن عديّ بن ربيعة بن عبد العزّى ابن عبد شمس، ويكنى أبا عديّ، وله أخبار كثيرة مع بني هاشم وبني أميّة. وقسم هشام بن عبد الملك أموالا وأجاز بجوائز، فلم يعطه شيئا. فقال:

  خسّ حظَّي أن كنت من عبد شمس ... ليتني كنت من بني مخزوم

  فأفوز الغداة منهم بسهم ... وأبيع الأب الشريف بلوم

  استقدمه المنصور واستنشده فغضب عليه فذهب إلى المدينة:

  فلمّا استخلف المنصور كتب إلى السّريّ بن عبد اللَّه أن يوجّه به إليه ففعل. فلمّا قدم عليه قال له: أنشدني ما قلت في قومك، فاستعفاه. فقال: لا أعفيك. فقال: أعطني الأمان فأعطاه، فأنشده:

  ما بال عينك جائلا أقذاؤها ... شرقت بعبرتها فطال بكاؤها

  / حتى انتهى إلى قوله:

  فبنو أميّة خير من وطيء الحصى ... شرفا وأفضل ساسة أمراؤها

  فقال له: اخرج عنّي لا قرّب اللَّه دارك! فخرج حتى قدم المدينة، فألفى محمد بن عبد اللَّه بن حسن قد خرج فبايعه.

  أخذت حرمه وأمواله فمدح السفاح فأكرمه وردّ إليه ما أخذ منه:

  أخبرني عمّي عن الكرانيّ عن العمريّ عن العتبيّ عن أبيه قال:

  كان أبو عديّ الذي يقال له العبليّ مجفوّا في أيّام بني مروان وكان منقطعا إلى بني هاشم، فلمّا أفضت الدولة إليهم لم يبقوا على أحد من بني أميّة، وكان الأمر في قتلهم جدّا إلَّا من هرب وطار على وجهه. فخاف أبو عديّ أن يقع به مكروه في تلك الفورة فتوارى؛ وأخذ داود بن عليّ حرمه وماله، فهرب حتّى أتى أبا العبّاس السفّاح، فدخل عليه في غمار النّاس متنكَّرا وجلس حجرة⁣(⁣١) حتى تقوّض⁣(⁣٢) القوم وتفرّقوا، وبقي أبو العبّاس مع خاصّته. فوثب إليه أبو عديّ فوقف بين يديه وقال:

  ألا قل للمنازل بالسّتار⁣(⁣٣) ... سقيت الغيث من دمن قفار

  فهل لك بعدنا علم بسلمى ... وأتراب لها شبه الصّوار⁣(⁣٤)

  أوانس لا عوابس جافيات ... عن الخلق الجميل ولا عواري

  / وفيهنّ ابنة القصويّ سلمى⁣(⁣٥) ... كهمّ النّفس مفعمة الإزار

  / تلوث خمارها بأحمّ جعد ... تضلّ الفاليات به المداري⁣(⁣٦)


(١) حجرة: ناحية.

(٢) كذا في «الأصول الخطية»: يقال: تقوّض القوم إذا انقضوا وانصرفوا. وفي «ب، س»: «انقض القوم».

(٣) الستار: اسم لعدّة مواضع.

(٤) الصوار (بالكسر ويضم): القطيع من البقر.

(٥) كذا في «ج»: والقصويّ: نسبة إلى قصيّ. وفي «سائر الأصول»: «سلمى» وهو تحريف.

(٦) تلوث: تلف. والأحم: الأسود. والجعد من الشعر: خلاف السبط وهو ما فيه التواء وتقبض. والفاليات: من فلا الرأس يفلوه