كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار العبلي ونسبه

صفحة 201 - الجزء 11

  فكم غادروا من بواكي العيو ... ن مرضى ومن صبية بؤّس

  إذا⁣(⁣١) ما ذكرنهم لم تنم ... لحرّ الهموم ولم تجلس

  يرجّعن مثل بكاء الحما ... م في مأتم قلق⁣(⁣٢) المجلس

  فذاك الذي غالني فاعلمي ... ولا تسأليني فتستنحسي⁣(⁣٣)

  وأشياء قد ضفنني⁣(⁣٤) بالبلاد ... ولست لهنّ بمستحلس

  أفاض المدامع قتلى كدى ... وقتلى بكثوة⁣(⁣٥) لم ترمس

  وقتلى بوجّ وباللَّابتي ... ن من يثرب خير ما أنفس

  وبالزّابيين نفوس ثوب ... وقتلى⁣(⁣٦) بنهر أبي فطرس⁣(⁣٧)

  أولئك قوم تداعت بهم⁣(⁣٨) ... نوائب من زمن متعس

  / أذلَّت قيادي لمن رامني ... وألزقت الرّغم بالمعطس⁣(⁣٩)

  فما أنس لا أنس قتلاهم ... ولا عاش بعدهم من نسي

  قال: فلمّا أتى عليها بكى محمد بن عبد اللَّه بن حسن. فقال له عمّه الحسن بن حسن بن عليّ $: أتبكي على بني أميّة وأنت تريد ببني العبّاس ما تريد!. فقال: واللَّه يا عمّ لقد كنّا نقمنا على بني أميّة ما نقمنا، فما بنو العبّاس إلَّا أفلّ خوفا للَّه منهم، وإنّ الحجّة على بني العبّاس لأوجب منها عليهم. ولقد كانت للقوم أخلاق ومكارم وفواضل ليست لأبي جعفر. فوثب حنس وقال: أعوذ باللَّه من شرّك، وبعث إلى أبي عديّ بخمسين دينارا، وأمر له عبد اللَّه بن حسن بمثلها، وأمر له كلّ واحد من محمد وإبراهيم ابنيه بخمسين خمسين، وبعثت إليه أمّهما هند بخمسين دينارا، وكانت منفعته بها كثيرة. فقال أبو عديّ في ذلك:


=

وآخر قد دس في حفرة ... وآخر قد طار لم يحسس

أي لم يشعر به لاختفائه.

(١) في «الأصول»: «إذا ما ذكرتهم» بالتاء. ويرجح أن يكون بالنون قوله «يرجعن» بعد هذا البيت. ومرجع الضمير «بواكي العيون» ورواية هذا البيت في الرابع:

إذا عنّ ذكرهم لم ينم ... أبوك وأوحش في المجلس

(٢) في «الأصول»: «فلق المجلس» بالفاء. وقلق المجلس: اضطراب من فيه من الحزن.

(٣) يقال: استنحس فلان الأخبار ونحسها وتنحسها إذا تندّسها وتجسسها، واستنحس عنها: طلبها وتتبعها بالاستخبار. ورواية هذا الشطر في الرابع:

ولا تسألي بامرئ متعس

(٤) ضفنني: نزلن بي. والمستحلس للشيء: الملازم له.

(٥) في «الأصول» هنا: «ببكة». والتصويب من «الجزء الرابع» و «معجم البلدان» (في كثوة واللايتين). وراجع الكلام على هذه المواضع والوقائع في الجزء الرابع.

(٦) في الجزء الرابع و «معجم البلدان»: «وأخرى».

(٧) في «الأصول» هنا: «أبي قرطس» وهو تحريف.

(٨) في الرابع:

أولئك قومي أناخت بهم

(٩) الرغم: التراب. والمعطس (كمجلس ومقعد): الأنف.