أخبار العبلي ونسبه
  /
  والحرب تعرك غالبا بجرانها(١) ... وتعضّ وهي حديدة الأنياب
  أم كيف نفسك تستلذّ معيشة ... أو تنقعين لها ألذّ شراب
  أنشد عبد اللَّه بن حسن من شعره فبكى:
  وذكر العبّاس بن عيس العقيليّ عن هارون بن موسى الفرويّ عن سعيد بن عقبة الجهنيّ قال: حضرت عبد اللَّه بن عمر المكنّى أبا عديّ الأمويّ ينشد عبد اللَّه بن حسن قوله:
  أفاض المدامع قتلى كدى ... وقتلى بكثوة(٢) لم ترمس
  قال: فرأيت عبد اللَّه بن حسن وإنّ دموعه لتجري على خدّه.
  قيل إن القصيدة السينية اشترك فيها آخران معه حين أتاهم قتل بني أمية:
  وقد أخبرني محمد بن مزيد عن حمّاد عن أبيه عن الهيثم بن عديّ عن أبي سعيد مولى فائد قال:
  لمّا أتانا قتل عبد اللَّه بن عليّ من قتل من بني أميّة كنت أنا وفتى من ولد عثمان وأبو عديّ العبليّ متوارين في موضع واحد، فلحقني من الجزع ما يلحق الرجل على عشيرته، ولحق صاحبيّ كما لحقني، فبكينا طويلا، ثم تناولنا هذه القصيدة بيننا، فقال كلّ واحد منّا بعضها غير محصّل [ما(٣)] لكلّ واحد منّا فيها، قال: ثم أنشدنيها، فأخذتها من فيه:
  تقول أمامة لمّا رأت ... نشوزي عن المضجع الأنفس
  كان يكره ما يجري عليه بنو أمية من سب عليّ وشعره في ذلك:
  أخبرني عيسى بن الحسين الورّاق قال حدّثنا محمد بن زكريّا الغلابيّ عن ابن عائشة قال:
  / كان أبو عديّ الأمويّ الشاعر يكره ما يجري عليه بنو أميّة من ذكر عليّ بن أبي طالب ~ وسبّه على المنابر، ويظهر الإنكار لذلك، فشهد عليه قوم من بني / أميّة بمكة بذلك ونهوه عنه، فانتقل إلى المدينة وقال في ذلك:
  شرّدوا بي عند امتداحي عليّا ... ورأوا ذاك فيّ داء دويّا
  فو ربّي لا أبرح الدّهر حتى ... تختلى(٤) مهجتي بحبّي عليّا
  وبنيه لحبّ أحمد إنّي ... كنت أحببتهم بحبّي النبيّا
  حبّ دين لا حبّ دنيا وشرّ ال ... حبّ حبّ يكون دنيا ويّا
  صاغني اللَّه في الذّؤابة منهم ... لا زنيما(٥) ولا سنيدا دعيّا
(١) عركتهم الحرب: دارت عليهم. والجران من البعير: مقدّم عنقه من مذبحه إلى منحره، وقد استعاره الشاعر هنا للحرب.
(٢) في «الأصول» هنا: «بمكة». (راجع الحاشية رقم ٦ من صفحة ٢٩٩).
(٣) تكملة يقتضيها سياق الكلام.
(٤) تختلى: تقطع. وأصل الاختلاء قطع الخلي وهو الرطب من الحشيش؛ يقال: خلى الخلي واختلاه إذا قطعه. يريد الشاعر أنه يموت وهو على حبهم.
(٥) الزنيم: الدعيّ الملصق بالقوم وليس منهم. وكذلك السنيد.