كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الأعشى وبني عبد المدان وأخبارهم مع غيره

صفحة 268 - الجزء 12

  وجاء بحسين فأقامه عن يساره. فأقبلوا / يستترون بالخشب والمسجد فرقا أن يبدأهم بالمباهلة إذا رآهم، حتى بركوا بين يديه، ثم صاحوا: يا أبا القاسم، أقلنا أقالك اللَّه عثرتك. فقال النبيّ : نعم - قال: ولم يسأل النبيّ شيئا قطَّ إلَّا أعطاه - فقال: قد أقلتكم [فولَّوا]⁣(⁣١). فلَّما ولَّوا قال النبيّ : «أما والَّذي بعثني بالحقّ لو باهلتهم ما بقي على وجه الأرض نصرانيّ ولا نصرانية إلَّا أهلكهم اللَّه تعالى». وفي حديث شهر بن حوشب أنّ العاقب وثب فقال: أذكَّركم اللَّه أن نلاعن هذا الرجل! فو اللَّه لئن كان كاذبا ما لكم في ملاعنته خير، ولئن كان صادقا لا يحول الحول ومنكم نافخ ضرمة⁣(⁣٢) فصالحوه ورجعوا.

  خبر قبة نجران

  وأمّا خبر القبّة الأدم التي ذكرها الأعشى فأخبرني بخبرها عمّي وحبيب بن نصر المهلَّبيّ قالا حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثني عليّ بن عمرو الأنصاريّ عن هشام بن محمد عن أبيه قال:

  كان عبد المسيح بن دارس بن عربيّ بن معيقر⁣(⁣٣) من أهل نجران، وكانت له قبّة من ثلاثمائة جلد أديم، وكان على / نهر بنجران يقال النّحيردان⁣(⁣٤). قال: ولم يأت القبّة خائف إلَّا أمن، ولا جائع إلا شبع؛ وكان يستغلّ من ذلك النهر عشرة آلاف دينار، / [وكانت القبّة تستغرق ذلك كله]⁣(⁣٥). وكان⁣(⁣٦) أوّل من نزل نجران⁣(⁣٧) من بني الحارث بن كعب يزيد بن عبد المدان [بن الدّيّان. وذلك أنّ عبد المسيح بن دارس زوّج يزيد بن عبد المدان]⁣(⁣٥) ابنته رهيمة، فولدت له عبد اللَّه بن يزيد، فهم بالكوفة. ومات عبد المسيح، فانتقل ماله إلى يزيد؛ فكان أوّل حارثيّ حلّ في نجران. وفي ذلك يقول أعشى قيس بن ثعلبة:

  فكعبة نجران حتم علي ... ك حتّى تناحي بأبوابها

  نزور يزيد وعبد المسيح ... وقيسا هم خير أربابها

  خطب يزيد بن عبد المدان وعامر بن المصطلق بنت أمية بن الأسكر فزوّجها ليزيد:

  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدّثني عمّي عن العباس بن هشام [عن أبيه قال حدّثني بعض بني الحارث بن كعب، [و] أخبرني عمّي قال حدّثني عبد اللَّه بن أبي سعد]⁣(⁣٥) قال حدّثني عبد اللَّه بن الصّبّاح عن ابن الكلبيّ عن أبيه قال:

  اجتمع يزيد بن عبد المدان وعامر بن الطَّفيل بموسم عكاظ، وقدم أمية بن الأسكر الكنانيّ ومعه ابنة⁣(⁣٨) له من


(١) زيادة عن ط، م.

(٢) الضرمة: الجمرة؛ يقال ما في الدار نافخ ضرمة، أي ما فيها أحد.

(٣) كذا في ط، م. وفي سائر الأصول: «معيفر» بالفاء. وفي «معجم البلدان» (ج ٤ ص ٧٥٦): «عبد المسيح بن دارس بن عدي بن معقل».

(٤) كذا في ط، م. وفي سائر الأصول: «البجيروان».

(٥) التكملة عن ط، ج، م.

(٦) في ط، م: «ثم كان».

(٧) في ط، م: «حل نجران».

(٨) كذا في ط، م. وفي سائر الأصول: «وتبعته ابنة له».