أخبار الأعشى وبني عبد المدان وأخبارهم مع غيره
  معديكرب فقال له مثل ذلك؛ فقال: هل بدأت بأحد قبلي؟ قال: نعم! بقيس المكشوح(١). قال: عليك بمن بدأت به. فتركه، وأتى يزيد بن عبد المدان فقال له: يا أبا النّضر، إنّ من قصّتي كذا وكذا. فقال له: مرحبا بك وأهلا، أبعث إلى قيس بن عاصم؛ فإن هو وهب لي أخاك شكرته، وإلا أغرت عليه حتى يتّقيني بأخيك؛ فإن نلتها وإلَّا دفعت إليك كلّ أسير من بني تميم بنجران فاشتريت بهم أخاك. قال: هذا الرضا. فأرسل يزيد إلى قيس بن عاصم بهذه الأبيات:
  يا قيس أرسل أسيرا من بني جشم ... إنّي بكلّ الذي تأتي به جازي
  لا تأمن الدّهر أن تشجى بغصّته ... فاختر لنفسك إحمادي وإعزازي
  فافكك أخا منقر عنه وقل حسنا ... فيما سئلت وعقّبه بإنجاز
  قال: وبعث بالأبيان رسولا إلى قيس بن عاصم؛ فأنشده إياها، ثم قال [له](٢): يا أبا عليّ، إنّ يزيد بن عبد المدان يقرأ عليك السلام ويقول لك: إنّ المعروف قروض، ومع اليوم غد. فأطلق لي هذا الجشميّ؛ فإنّ أخاه قد استغاث بأشراف بني مرّة(٣) وبعمرو بن معديكرب وبمكشوح مراد(٤) فلم يصب عندهم حاجته فاستجار بي. ولو أرسلت إليّ في جميع أسارى مضر بنجران لقضيت حقّك. فقال / قيس بن عاصم لمن حضره من بني تميم: هذا رسول يزيد بن عبد المدان سيّد مذحج وابن سيّدها ومن لا يزال له فيكم يد، وهذه فرصة لكم، فما ترون؟ قالوا:
  نرى أن نغليه عليه ونحكم فيه شططا(٥)؛ فإنه لن يخذله أبدا ولو أتى ثمنه على ماله. فقال قيس: بئس ما رأيتم! أما تخافون سجال الحروب ودول الأيّام ومجازاة القروض! فلمّا أبوا عليه قال: بيعونيه، فأغلوه عليه، فتركه في أيديهم، وكان أسيرا في يد رجل من بني سعد، وبعث إلى يزيد فأعلمه بما جرى، وأعلمه أنّ الأسير لو كان في يده أو في بني مقر(٦) لأخذه وبعث به، ولكنه في يد رجل من بني سعد. فأرسل يزيد إلى السعديّ أن سر(٧) إليّ بأسيرك ولك فيه حكمك. فأتى به السعديّ يزيد بن عبد المدان؛ فقال له: احتكم. فقال: مائة ناقة ورعاؤها /. فقال له يزيد: إنّك لقصير الهمّة قريب الغنى جاهل بأخطار بني الحارث. أما واللَّه لقد غبنتك يا أخا بني سعد، ولقد كنت أخاف أن يأتي ثمنه على جلّ أموالنا، ولكنكم يا بني تميم قوم قصار الهمم. وأعطاه ما احتكم. فجاوره الأسير وأخوه حتى ماتا عنده بنجران.
  أغاز عبد المدان على هوازن في جماعة من بني الحارث فهزموا بني عامر
  وقال ابن الكلبيّ: أغار عبد المدان على هوازن يوم السّلف(٨) في جماعة من بني الحارث بن كعب، وكانت
(١) في الأصول هنا بقيس بن المكشوح: «بزيادة ابن» تحريف.
(٢) زيادة في ط، م.
(٣) كذا في ط، م. وفي سائر الأصول: «فقد استعان بأشراف بني جشم».
(٤) كذا في ط، ج. ومكشوح هنا مضاف إلى قبيلته مراد. وفي سائر الأصول: «وبمكشوح بن مراد» تحريف.
(٥) الشطط: مجاوزة القدر في بيع أو طلب.
(٦) كذا في ط، م. وفي سائر الأصول: «أو في يد منقر».
(٧) في ط، ح، م: «أن صر إليّ».
(٨) السلف: مخلاف باليمن.