كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الأعشى وبني عبد المدان وأخبارهم مع غيره

صفحة 276 - الجزء 12

  حمته⁣(⁣١) على بني عامر خاصّة. فلمّا التقى القوم حمل على وبر⁣(⁣٢) بن معاوية النّميريّ فصرعه، وثنّى بطفيل بن مالك فأجرّه⁣(⁣٣) الرمح، وطار به فرسه قرزل فنجا، واستحرّ القتل في بني عامر، وتبعت خيل بني الحارث من انهزم من / بني عامر، وفي هذه الخيل عمير⁣(⁣٤) ومعقل وكانا من فرسان بني الحارث بن كعب، فلم يزالوا بقيّة يومهم لا يبقون على شيء أصابوه، فقال في ذلك عبد المدان:

  عفا من سليمى بطن غول فيذبل⁣(⁣٥) ... فغمرة فيف الرّيح فالمتنخّل⁣(⁣٦)

  ديار الَّتي صاد الفؤاد دلالها ... وأغرت⁣(⁣٧) بها يوم النّوى حين ترحل

  فإن تك صدّت عن هواي وراعها⁣(⁣٨) ... نوازل أحداث وشيب مجلَّل

  فيا ربّ خيل قد هديت بشطبة⁣(⁣٩) ... يعارضها عبل الجزارة هيكل⁣(⁣١٠)

  سبوح⁣(⁣١١) إذا جال الحزام كأنّه ... إذا انجاب⁣(⁣١٢) عنه النّقع في الخيل أجدل

  يواغل⁣(⁣١٣) جردا كالقنا حارثيّة ... عليها قنان والحماس وزعبل⁣(⁣١٤)

  معاقلهم في كلّ يوم كريهة ... صدور العوالي والصّفيح المصقّل⁣(⁣١٥)

  وزغف من الماذي بيض كأنّها ... نهاء مرتها بالعشيّات شمأل⁣(⁣١٦)

  فما ذرّ قرن الشمس حتى تلاحقت ... فوارس يهديها عمير ومعقل

  فجالت على الحي الكلابيّ جولة ... فباكرهم ورد من الموت معجل

  / فغادرن وبرا تحجل الطير حوله ... ونجّى طفيلا في العجاجة قرزل


(١) كذا في ط، م. يريد: شدته. وفي سائر الأصول: «حمية». ولعلها «وكانت حميته» أي حملته وشدته؛ يقال: مضى فلان في حميته أي حملته. (عن «لسان العرب» مادة حمى).

(٢) كذا في ط، م، وكذلك سيجيء في الشعر. وفي سائر الأصول: «يزيد» وهو تحريف.

(٣) أجره الرمح: طعنه به وتركه فيه يجره.

(٤) في بعضن الأصول: «عميرة».

(٥) غول: موضع، جبل أو واد أو ماء، فيه أقوال. ولعله اسم لعدّة مواضع. ويذبل: جبل بنجد.

(٦) غمرة، وفيف الريح، والمتنخل: مواضع.

(٧) في بعض الأصول: «وأعربنها» تحريف.

(٨) كذا في ط، م. وفي سائر الأصول: «فراعها».

(٩) الشطبة (بالكسر ويفتح) من الخيل: الطويلة السبطة اللحم.

(١٠) عبل الجزارة: ضخم الأطراف، وهي اليدان والرأس والرقبة. فإذا قيل فرس عبل الجزارة، فإنما يريدون اليدين والرجلين وكثرة عصبهما؛ لأن عظم الرأس في الخيل هجنة. والهيكل: المرتفع.

(١١) السبوح من الخيل: الذي يسبح بيديه أي يمدّهما في جريه.

(١٢) كذا في ط، م، ج. وفي سائر الأصول: «إذا انساب عند النقع». والأجدل: الصقر.

(١٣) يواغل جردا: يداخلها. والجرد من الخيل: القصار الشعر، وهو في الخيل مدح.

(١٤) الحماس، وقنان وزعبل: قبائل، وقد تقدمت في (ص ١٠).

(١٥) معاقلهم: حصونهم. والعوالي: الرماح. والصفيح المصقل: السيوف.

(١٦) الزغف: الدروع اللينة الواسعة المحكمة أو الرقيقة حسنة السلاسل. يقال: درع زغف وزغفة، ودروع زغف. والماذي هنا: السلاح من الحديد. ونهاه غدران، واحدها: نهى (بكسر أوله وفتحه). ومرتها، يريد مرت عليها فجعدت متونها وأصل المري مسح الحالب ضرع الحلوبة لتدر. والشمأل: ريح الشمال.