كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مع عبد الله بن الحشرج

صفحة 282 - الجزء 12

  فلمّا ألحّت في الملامة واعترت⁣(⁣١) ... بذلك غيظي واعتراها التّبلَّد

  [عرضت عليها خصلتين سماحتي ... وتطليقها والكفّ عنّي أرشد]⁣(⁣٢)

  فلجّت وقالت أنت غاو مبذّر ... قرينك شيطان مريد⁣(⁣٣) مفنّد

  فقلت لها بيني فما فيك رغبة ... ولي عنك في النّسوان ظلّ ومقعد

  وعيش أنيق والنّساء معادن ... فمنهنّ غلّ شرّها يتمرّد⁣(⁣٤)

  لها كلّ يوم فوق رأسي عارض ... من الشّرّ برّاق يد الدهر يرعد

  وأخرى يلدّ العيش منها، ضجيعها ... كريم يغاديه من الطير أسعد

  فيا رجلا حرّا خذ القصد واترك ال ... بلايا فإنّ الموت للنّاس موعد

  فعش ناعما واترك مقالة عاذل ... يلومك في بذل النّدى ويفنّد

  وجد باللَّها⁣(⁣٥) إنّ السماحة والنّدى ... هي الغاية القصوى وفيها التّمجّد

  وحسب الفتى مجدا سماحة كفّه ... وذو المجد محمود الفعال محسّد

  طلق امرأته لعذله إياه فلامه حنظلة بن الأشهب فقال شعرا

  قال فقالت له امرأته: واللَّه ما وفّقك اللَّه لحظَّك! أنهبت مالك وبذرته وأعطيته هيّان⁣(⁣٦) بن بيّان ومن لا تدري من أيّ⁣(⁣٧) هافية هو! قال: فغضب فطلَّقها، وكان لها محبّا وبها معجبا. فعنّفه فيها ابن عمّ لها يقال له حنظلة بن الأشهب بن رميلة⁣(⁣٨)، وقال له: نصحتك فكافأتها بالطَّلاق! فو اللَّه ما وفّقت لرشدك، ولا نلت حظَّك، ولقد خاب سعيك بعدها عند ذوي الألباب. فهلَّا مضيت لطيّتك⁣(⁣٩)، وجريت على ميدانك، ولم تلتفت إلى امرأة من أهل الجهالة والطَّيش لم تخلق للمشورة ولا مثل رأيها يقتدى به! فقال ابن الحشرج لحنظلة:

  أحنظل دع عنك الَّذي نال ماله ... ليحمده الأقوام في كلّ محفل

  فكم من فقير بائس قد جبرته ... ومن عائل⁣(⁣١٠) أغنيت بعد التّعيّل


(١) كذا في الأصول. ولعلها: «امترت» أي أثارت غيظي واستخرجته.

(٢) التكملة من ف.

(٣) المريد: الخبيث المتمرّد الشرير. ومفند: مضعف الرأي.

(٤) يتمرّد هنا: يتجاوز الحد.

(٥) اللها: العطايا، واحدتها لهوة (بالضم والفتح).

(٦) هيان بن بيان: يقال لمن لا يعرف هو ولا يعرف أبوه.

(٧) كذا في ط، م. يقال هفت هافية من الناس أي طرأت. وفي سائر الأصول: محرفة بين «وما تدري أيها فئة» و «ما تدري أيتها فئة».

(٨) في ط، م: «ثرملة». وقد سموا «ثرملة». ولعل الأشهب بن رميلة أبا حنظلة هذا هو الأشهب بن ثور بن أبي حارثة الشاعر الشجاع الذي وردت ترجمته في الجزء التاسع (ص ٢١٩ من هذه الطبعة) ورميلة أمه.

(٩) مضى لطيته أي لقصده ونيته التي انتواها.

(١٠) العائل هنا: الفقير.