أخبار مع عبد الله بن الحشرج
  أرى حقّه في الناس ما عشت(١) واجبا ... عليّ وآتي ما أتيت على عمد
  وصاحب صدق كان لي ففقدته ... وصيّرني دهري إلى مائق(٢) وغد
  يلوم فعالي كلّ يوم وليلة ... ويعدو على الجيران كالأسد الورد
  يخالفني في كلّ حقّ وباطل ... ويأنف أن يمشي(٣) على منهج الرّشد
  فلَّما تمادى قلت غير مسامح ... له: النّهج فاركب يا عسيف(٤) بني نهد
  مدحه زياد الأعجم فوصله
  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال حدّثنا عيسى بن إسماعيل العتكيّ قال حدّثنا ابن عائشة قال:
  / وفد زياد الأعجم على عبد اللَّه بن الحشرج الجعديّ وهو بسابور(٥) أمير عليها، فأمر بإنزاله وألطفه وبعث إليه ما يحتاج إليه. ثم غدا عليه زياد فأنشده:
  إنّ السّماحة والمروءة والنّدى ... في قبّة ضربت على ابن الحشرج
  ملك أغرّ متوّج ذو نائل ... للمعتفين يمينه لم تشنج(٦)
  يا خير من صعد المنابر بالتّقى ... بعد النبيّ المصطفى المتحرّج(٧)
  لمّا أتيتك راجيا لنوالكم ... ألفيت باب نوالكم لم يرتج
  قال: فأمر له بعشر آلاف درهم.
  وقد قيل: إنّ الأبيات التي ذكرتها وفيها الغناء ونسبتها إلى عبد اللَّه بن الحشرج لغيره. والقول الأصحّ هو الأوّل. أخبرني بذلك محمد بن العبّاس اليزيديّ قال حدّثنا الخليل بن أسد قال حدّثنا العمري عن هشام بن الكلبيّ:
  أنه سمع أبا باسل الطائيّ ينشد هذا الشعر، فقلت: لمن هو؟ فقال: لعمّي عنترة بن الأخرس(٨). قال: وكان جدّي أخرس، فولد له سبعة أو ثمانية كلَّهم شاعر أو خطيب(٩). ولعلّ هذا من أكاذيب ابن / الكلبيّ، أو حكاه عن رجل ادّعى فيه ما لا يعلم.
(١) في ط، م: «ما عشت في الناس».
(٢) كذا في ط، م. والمائق: الأحمق. وفي سائر الأصول: محرّفة بين «سابق» و «سائق».
(٣) في ط، م: «يمسي» بالمهملة.
(٤) العسيف الأجير، والعبد المستهان به.
(٥) كذا في ط، م. وأخبار زياد الأعجم (جزء ١٤ صفحة ١٠٥ طبعة بلاق). وفي سائر الأصول هنا: «بنيسابور». وسابور: كورة مشهورة بأرض فارس.
(٦) شنجت يده: تقبضت؛ وتقبض اليد كناية عن البخل، وبسطها كناية عن الكرم.
(٧) في بعض الأصول: «المستخرج» تحريف.
(٨) أورد أبو تمام في الحماسة (ص ١٠٨ طبعة أوروبا) بعض أبيات منها منسوبة له.
(٩) في ط، م: «شاعر خطيب».