أخبار الطرماح ونسبه
  وأنّي شقيّ باللَّئام ولا ترى ... شقيّا بهم إلَّا كريم الشمائل
  إذا ما رآني قطَّع اللحظ(١) بينه ... وبيني فعل العارف المتجاهل
  ملأت عليه الأرض حتى كأنّها ... من الضّيق في عينيه كفّة(٢) حابل
  في هذه الأبيات لأبي العبيس بن حمدون خفيف ثقيل أوّل بالبنصر.
  قصته مع خالد القسري حين وفد عليه بمدح
  أخبرني محمد بن خلف وكيع قال أخبرنا إسماعيل بن مجمّع قال حدّثنا هشام بن محمد قال أخبرنا ابن أبي العمرّطة الكنديّ قال:
  مدح الطَّرمّاح خالد بن عبد اللَّه القسريّ، فأقبل على العريان(٣) بن الهيثم فقال: إنّي قد مدحت الأمير فأحبّ أن تدخلني عليه. قال: فدخل إليه فقال له: إنّ الطَّرمّاح قد مدحك وقال فيك قولا حسنا. فقال: مالي في الشعر من حاجة. فقال العريان للطرمّاح: تراء له. فخرج معه(٤)، فلَّما جاوز دار زياد وصعد المسنّاة(٥) إذا شيء قد ارتفع له، فقال: يا عريان انظر، ما هذا؟ فنظر ثم رجع فقال: أصلح اللَّه الأمير! هذا شيء بعث به إليك عبد اللَّه بن أبي موسى من سجستان؛ فإذا حمر وبغال ورجال وصبيان ونساء. فقال: يا عريان، أين طرمّاحك هذا؟ قال: هاهنا. قال:
  أعطه كلّ ما قدم به. فرجع إلى الكوفة بما شاء ولم ينشده. قال هشام: والطَّرمّاح: الطويل.
  سمع بيتا لكثير في عبد الملك فقال لم يمدحه بل موّه
  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدّثنا أبو حاتم قال حدّثني الحجّاجيّ(٦) قال:
  بلغني أنّ الطَّرمّاح جلس في حلقة فيها رجل من بني عبس، فأنشد العبسيّ قول كثيّر في عبد الملك:
  فكنت المعلَّى إذ أجيلت(٧) قداحهم ... وجال المنيح وسطها يتقلقل
  / فقال الطَّرمّاح: أما إنه ما أراد به أعلامهم كعبا، ولكنه موّه عليه في الظاهر وعنى في الباطن أنه السابع من الخلفاء الذين كان كثيّر لا يقول بإمامتهم؛ لأنه أخرج عليّا # منهم، فإذا أخرجه كان عبد الملك السابع، وكذلك المعلَّى السابع من القداح؛ فلذلك قال ما قاله. وقد ذكر ذلك في موضع آخر فقال:
  وكان الخلائف بعد الرّسو ... ل للَّه كلَّهم تابعا
  شيدان من بعد صدّيقهم ... وكان ابن حرب(٨) لهم رابعا
(١) كذا في ط، م. وفي سائر الأصول: «اللحن» تحريف. وفي «الديوان»:
«الطرف دونه ... ودوني فعل ... الخ «
(٢) كفة الصائد: حبالته، أي مصيدته.
(٣) كان العريان بن الهيثم بن الأسود النخعي أحد أشراف العراق المقدمين حين كان خالد القسري أميرا على العراق.
(٤) أي خرج العريان مع خالد.
(٥) المسناة: الأحباس تبنى في وجه السيل.
(٦) في ب، س، أ، ح: «المجاجي» تحريف.
(٧) في أ، ح، ب، س: «أجلت». والمعلى من القداح، له أكبر نصيب من أنصبة قداح الميسر، وهي عشرة. والمنيح: قدح منها لا نصيب له.
(٨) وردت هذه الكلمة في أكثر الأصول محرفة بين «خولى» و «حرلى» و «حولى» والصواب؛ في ط، م. وابن حرب هو معاوية بن أبي سفيان.