أخبار محمد بن الحارث بن بسخنر
  أخذ جواري الواثق منه غناء أخذه من إسحاق
  وأخبرني جعفر بن قدامة عن عليّ بن يحيى أنّ إسحاق غنّى بحضرة الواثق لحنه(١):
  ذكرتك إذ(٢) مرّت بنا أمّ شادن ... أمام المطايا تشرئبّ وتسنح
  من المؤلفات الرّمل أدماء(٣) حرّة ... شعاع الضّحى في متنها يتوضّح
  / - والشعر لذي الرّمّة. ولحن إسحاق فيه ثقيل أوّل - فأمره الواثق أن يعيده على الجواري، وأحلفه بحياته أن ينصح(٤) فيه. فقال: لا يستطيع الجواري أن يأخذنه(٥) مني، ولكن يحضر محمد بن الحارث فيأخذه منّي وتأخذه الجواري منه: [فأحضر وألقاه عليه، وأخذه منه، وأخذته الجواري منه](٦).
  أخبرني أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل المعروف بوسواسة الموصليّ(٧) قال حدّثني حمّاد(٨) بن إسحاق قال:
  قال لي محمد بن الحارث بن بسخنّر: أخذت جارية للواثق منّى صوتا أخذته من أبيك، وهو(٩):
  أصبح(١٠) الشّيب في المفارق شاعا ... واكتسى الرّأس من مشيب قناعا
  وتوالَّى الشّباب إلَّا قليلا ... ثم يأبى القليل إلَّا وداعا
  - الشعر والغناء لإسحاق ثقيل أوّل - قال: فسمعه الواثق منها، فاستحسنه وقال لعلَّويه ومخارق: أتعرفانه؟
  فقال مخارق: أظنّه لمحمد بن الحارث. فقال علَّويه: هيهات! ليس هذا مما يدخل في صنعة محمد، هو يشبه صنعة ذلك الشيطان إسحاق. فقال له الواثق: ما أبعدت. ثم بعث إليّ فأخبرني بالقصّة(١١)؛ فقلت: صدق علَّويه يا أمير المؤمنين، هذا لإسحاق ومنه أخذته.
  غنت جارية صوتا أخذته عنه فأكرمها
  حدّثني جعفر بن قدامة قال حدّثني عبد اللَّه بن المعتز قال قال لي أحمد بن الحسين بن هشام:
  جاءني محمد بن الحارث بن بسخنّر يوما فقال لي: قم حتّى أطفّل بك على صديق لي حرّ، وله جارية أحسن
(١) كذا في ط، م، ف. وفي سائر الأصول: «لحنه فقال» بزيادة «فقال».
(٢) في ط، م، ف: «أن مرت». وأم شادن: ظبية. وتشرئب: ترفع رأسها لتنظر. وتسنح: تعرض لك أو تأتي عن شمالك.
(٣) الأدم من الظباء: البيض تعلوهن جدد فيها غبرة.
(٤) في أكثر الأصول: «أنه ينصح» والتصويب من ط، ف.
(٥) في ب، س: «فقال لا يستطعن أن يأخذن مني».
(٦) التكملة من ط، م، ف.
(٧) في ط، م، ف: ... بوسواسة بن الموصلي». وقد تقدّم هذا الاسم في الأجزاء الماضية كما ورد هنا، «أو أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم» أو «محمد بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم». وكذا ورد «المعروف بوسواسة الموصلي» أو «بوسواسة بن الموصلي».
والرواية في أكثر المواضع عن حماد. ولم نهتد إلى وجه الصواب فيه.
(٨) في أكثر الأصول: «محمد بن إسحاق» والتصويب من ف.
(٩) كذا في ط، م، ف. وفي سائر الأصول: «وهو هذا».
(١٠) زيادة في ف.
(١١) كذا في ط، م، ف. وفي سائر الأصول: «فأخبرني القصة».