كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار فضالة بن شريك ونسبه

صفحة 317 - الجزء 12

  أرى الحاجات عند أبي خبيب ... نكدن ولا أميّة بالبلاد⁣(⁣١)

  من الأعياص أو من آل حرب ... أغرّ كغرّة الفرس الجواد

  ابنه فاتك ومدح الأقيشر له

  حدّثنا بذلك محمد بن العبّاس اليزيديّ قال حدّثنا أحمد بن الحارث الخرّاز عن المدائنيّ. فأمّا فاتك بن فضالة فكان سيّدا جوادا. وله يقول الأقيشر يمدحه:

  وفد الوفود فكنت أفضل وافد⁣(⁣٢) ... يا فاتك بن فضالة بن شريك

  مرّ بعاصم بن عمر بن الخطاب فلم يقره فهجاه

  أخبرني بما أذكر من أخباره هاهنا مجموعا عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثنا أبو سعيد السّكريّ عن محمد بن حبيب، وما ذكرته متفرّقا فأنا ذاكر إسناده⁣(⁣٣) عمن أخذته. قال ابن حبيب:

  مرّ فضالة بن شريك بعاصم بن عمر بن الخطَّاب - رضي اللَّه تعالى⁣(⁣٤) عنهما - وهو متبدّ⁣(⁣٥) بناحية المدينة، فنزل به فلم يقره شيئا ولم يبعث إليه ولا إلى أصحابه بشيء⁣(⁣٦)، وقد عرّفوه مكانهم. فارتحلوا عنه. والتفت فضالة إلى مولى لعاصم فقال له: قل له: أمّا واللَّه لأطوّقنّك طوقا لا يبلى. وقال يهجوه:

  ألا أيها الباغي القرى لست واجدا ... قراك إذا ما بتّ في دار عاصم

  إذا جئته تبغي القرى بات نائما ... بطينا وأمسى ضيفه غير⁣(⁣٧) نائم

  فدع عاصما أفّ لأفعال عاصم ... إذا حصّل⁣(⁣٨) الأقوام أهل المكارم

  فتى من قريش لا يجود بنائل⁣(⁣٩) ... ويحسب أن البخل ضربة لازم


() واحدها منسم (بفتح الميم وكسر السين). والنجاد: جمع نجد وهو ما ارتفع من الأرض. وطلاع النجاد: السامي لمعالي الأمور.

ووصف الطريق به هنا مجاز: إذ هو يريد: وكل طريق معبد لا يسلكه إلا السامون لمعالي الأمور الضابطون لأمورهم.

(١) أبو خبيب: كنية لعبد اللَّه بن الزبير، ويكنى أيضا أبا بكر وأبا عبد الرحمن. ونكدن: تعسرن. واستشهد النحويون بهذا البيت من باب «لا» النافية للجنس. وذلك أن مدخول «لا» لا يكون إلا نكرة وهو هاهنا معرفة. وقد تؤوّل على تقدير «ولا أمثال أمية في البلاد»؛ أو على تقدير «ولا أجواد في البلاد». لأن بني أمية قد اشتهروا بالجود؛ فأوّل العلم باسم الجنس لشهرته بصفة الجود. وقد نسب بعضهم هذه الأبيات لعبد اللَّه بن الزبير (بفتح الزاي) في عبد اللَّه بن الزبير بن العوام وأنه هو الذي شكا إلى ابن الزبير لقب ناقته.

ونسبه بعضهم لفضالة، وسيذكر المؤلف ذلك في ترجمته.

(٢) كذا في ط، م، ف. وفي سائر الأصول: «أوّل وافد».

(٣) في أكثر الأصول ما عدا ط: «فأنا ذاكر أيضا إسناده».

(٤) هذا الدعاء ليس في ط، م، ف.

(٥) كذا في ط، م. ومتبدّ: مقيم بالبادية. وفي سائر الأصول: «منتبذ».

(٦) هذه الكلمة ليست في ط، م.

(٧) في ط، م، ف. و «تاريخ دمشق لابن عساكر»: «غير طاعم».

(٨) في أكثر الأصول: «جهل» والتصويب من ط، ج، م.

(٩) النائل: العطاء.