أخبار إبراهيم بن سيابة ونسبه
  ابن سيابة الزّنديق؟ قال نعم. قال: أحبّ أن تعلَّمني الزّندقة. قال: أفعل وكرامة. ثم بطحه على وجهه، فلمّا تمكَّن منه أدخل عليه؛ فصاح الغلام أوّه! أيش هذا ويحك؟ قال سألتني أن أعلَّمك الزندقة، وهذا أوّل باب من شرائعها.
  يرى فقدان الدقيق أكبر مصيبة
  أخبرني الحسين بن القاسم الكوكبيّ قال حدّثني محرز بن جعفر الكاتب قال:
  قال لي إبراهيم بن سيابة الشاعر: إذا كانت في جيرانك جنازة وليس في بيتك دقيق فلا تحضر الجنازة، فإنّ المصيبة عندك أكبر منها عند القوم، وبيتك أولى بالمأتم من بيتهم.
  سخط عليه الفضل ابن الربيع فاستعطفه بشعر فرضي عنه ووصله
  أخبرني جعفر بن قدّامة ومحمد بن مزيد قالا حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال:
  / سخط الفضل بن الرّبيع على ابن سيابة، فسألته أن يرضى عنه فامتنع. فكتب إليه ابن سيابة بهذه الأبيات وسألني إيصالها:
  إن كان جرمي قد أحاط بحرمتي ... فأحط بجرمي عفوك المأمولا
  فكم ارتجيتك في الَّتي لا يرتجى ... في مثلها أحد فنلت السّولا(١)
  وضللت عنك فلم أجد لي مذهبا ... ووجدت حلمك لي عليك دليلا
  / هبني أسأت وما أسأت أقرّ كي ... يزداد عفوك بعد طولك طولا(٢)
  فالعفو أجمل والتّفضّل بامرئ ... لم يعدم الرّاجون منه جميلا
  فلمّا قرأها الفضل دمعت عيناه ورضي عن ابن سيابة، وأوصله إليه وأمر له بعشرة آلاف درهم.
  حواره المقدع مع بشار
  أخبرني الحسن بن علي قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهروية قال حدّثنا الحسن بن الفضل قال سمعت ابن عائشة يقول:
  جاء إبراهيم بن سيابة إلى بشّار فقال له: ما رأيت أعمى قطَّ إلَّا وقد عوّض من بصره إمّا الحفظ والذّكاء وإمّا حسن الصوت، فأيّ شيء عوّضت [أنت](٣)؟ قال: ألَّا أرى ثقيلا مثلك، ثم قال له: من أنت ويحك؟ قال: إبراهيم بن سبابة. فتضاحك ثم قال(٤): لو نكح الأسد في استه لذلّ(٥). وكان إبراهيم يرمى بذلك. ثم تمثّل بشّار:
  لو نكح اللَّيث في استه خضعا ... ومات جوعا ولم ينل شبعا
  كذلك السيف عند هزّته ... لو بصق النّاس فيه ما قطعا
(١) السؤل والسؤلة؛ ويترك همزهما: ما سألته.
(٢) الطول (بالفتح): الفضل.
(٣) زيادة في ف.
(٤) كذا في ف. وفي سائر الأصول: ... بن سيابة. فقال».
(٥) في ف: «ما افترس وذل».