أخبار أبي زبيد ونسبه
  أفاخرك: أبنو حيّة أكرم / أم بنو شيبان؟ فقال له الشيباني: حديث [حسن](١)، ومنادمة كريمة أحبّ إلينا من المفاخرة. فقال / الطائي: واللَّه ما مدّ رجل قطَّ يدا أطول من يدي. فقال الشيبانيّ: واللَّه لئن أعدتها لأخضبنّها من كوعها. فرفع الطائيّ يده، [فضربها الشيباني بسيفه فقطعها](٢). فقال أبو زبيد في ذلك:
  خبّرتنا الرّكبان(٣) أن قد فخرتم ... وفرحتم بضربة المكَّاء
  ولعمري لعارها كان أدنى ... لكم من تقى وحقّ وفاء
  ظلّ ضيفا أخوكم لأخينا ... في صبوح ونعمة وشواء(٤)
  ثم لما رآه رانت به الخم ... ر وأن لا يريبه باتّقاء(٥)
  لم يهب حرمة النّديم وحقّت ... يا لقوم للسّوءة السوءاء(٦)
  ما قاله في كلبه أكدر حين لقيه الأسد فقتله
  أخبرني محمد بن العباس اليزيديّ قال حدّثني عمي عبيد اللَّه عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابيّ قال:
  كان لأبي زبيد كلب يقال له أكدر، وكان له سلاح يلبسه أيّاه، فكان لا يقوم له الأسد، فخرج ليلة قبل أن يلبسه سلاحه، فلقيه الأسد فقتله، ويقال: أخذه فأفلت منه، فقال عند ذلك أبو زبيد:
  /
  أحال أكدر مختالا كعادته(٧) ... حتى إذا كان بين البئر والعطن(٨)
  لاقى لدى ثلل الأطواء داهية ... أسرت وأكدر تحت الليل في قرن(٩)
  حطَّت به شيمة ورهاء تطرده ... حتى تناهى إلى الحولات في السّنن(١٠)
  إلى مقابل خطو السّاعدين له ... فوق السّراة كذفرى الفالج القمن(١١)
  رئبال غاب فلا قحم ولا ضرع ... كالبغل يحتطم العلجين(١٢) في شطن
(١) زيادة عن ح، ف.
(٢) زيادة عن ف.
(٣) الركبان: جمع ركب. والركب: أصحاب الإبل في السفر دون الدواب، وهم العشرة فما فوقها. ويجمع على أركب أيضا.
(٤) الصبوح: ما أصبح عند القوم من الشراب فشربوه. والنعمة (بالفتح): التنعم والتمتع.
(٥) أي ورأى أنه لا يريبه باتقاء.
(٦) السوءة: ما يقبح كشفه. والسوءة السوءاء (مثل الليلة الليلاء): الخصلة القبيحة. ويا لقوم: استغاثة من هذه الفضيحة؛ وهي هتك حرمة النديم. ورواية «الخزانة»: «يا لقومي».
(٧) أحال: أقبل. في الأصول: «مشيا لا لعادته». وانظر «الحيوان» (٢: ٢٧٤) طبعة الحلبي.
(٨) العطن: مناخ الإبل حول الورد.
(٩) كذا في أكثر الأصول. وثلة البئر: ما أخرج من ترابها، جمعه: ثلل. والأطواء: واحده الطوي، البئر المطوية بالحجارة. وأسرت:
سارت ليلا والقرن: الحبل يجمع به البعيران.
(١٠) الشيمة: الطبيعة والخلق والعادة. وورهاء: حمقاء أو خرقاء. والحولات: جمع حولة، بالضم، وهي الداهية.
(١١) الفالج: البعير ذو السنامين. والقمن: السريع.
(١٢) في ف: «حطمه العلجان».