كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي زبيد ونسبه

صفحة 360 - الجزء 12

  أفاخرك: أبنو حيّة أكرم / أم بنو شيبان؟ فقال له الشيباني: حديث [حسن]⁣(⁣١)، ومنادمة كريمة أحبّ إلينا من المفاخرة. فقال / الطائي: واللَّه ما مدّ رجل قطَّ يدا أطول من يدي. فقال الشيبانيّ: واللَّه لئن أعدتها لأخضبنّها من كوعها. فرفع الطائيّ يده، [فضربها الشيباني بسيفه فقطعها]⁣(⁣٢). فقال أبو زبيد في ذلك:

  خبّرتنا الرّكبان⁣(⁣٣) أن قد فخرتم ... وفرحتم بضربة المكَّاء

  ولعمري لعارها كان أدنى ... لكم من تقى وحقّ وفاء

  ظلّ ضيفا أخوكم لأخينا ... في صبوح ونعمة وشواء⁣(⁣٤)

  ثم لما رآه رانت به الخم ... ر وأن لا يريبه باتّقاء⁣(⁣٥)

  لم يهب حرمة النّديم وحقّت ... يا لقوم للسّوءة السوءاء⁣(⁣٦)

  ما قاله في كلبه أكدر حين لقيه الأسد فقتله

  أخبرني محمد بن العباس اليزيديّ قال حدّثني عمي عبيد اللَّه عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابيّ قال:

  كان لأبي زبيد كلب يقال له أكدر، وكان له سلاح يلبسه أيّاه، فكان لا يقوم له الأسد، فخرج ليلة قبل أن يلبسه سلاحه، فلقيه الأسد فقتله، ويقال: أخذه فأفلت منه، فقال عند ذلك أبو زبيد:

  /

  أحال أكدر مختالا كعادته⁣(⁣٧) ... حتى إذا كان بين البئر والعطن⁣(⁣٨)

  لاقى لدى ثلل الأطواء داهية ... أسرت وأكدر تحت الليل في قرن⁣(⁣٩)

  حطَّت به شيمة ورهاء تطرده ... حتى تناهى إلى الحولات في السّنن⁣(⁣١٠)

  إلى مقابل خطو السّاعدين له ... فوق السّراة كذفرى الفالج القمن⁣(⁣١١)

  رئبال غاب فلا قحم ولا ضرع ... كالبغل يحتطم العلجين⁣(⁣١٢) في شطن


(١) زيادة عن ح، ف.

(٢) زيادة عن ف.

(٣) الركبان: جمع ركب. والركب: أصحاب الإبل في السفر دون الدواب، وهم العشرة فما فوقها. ويجمع على أركب أيضا.

(٤) الصبوح: ما أصبح عند القوم من الشراب فشربوه. والنعمة (بالفتح): التنعم والتمتع.

(٥) أي ورأى أنه لا يريبه باتقاء.

(٦) السوءة: ما يقبح كشفه. والسوءة السوءاء (مثل الليلة الليلاء): الخصلة القبيحة. ويا لقوم: استغاثة من هذه الفضيحة؛ وهي هتك حرمة النديم. ورواية «الخزانة»: «يا لقومي».

(٧) أحال: أقبل. في الأصول: «مشيا لا لعادته». وانظر «الحيوان» (٢: ٢٧٤) طبعة الحلبي.

(٨) العطن: مناخ الإبل حول الورد.

(٩) كذا في أكثر الأصول. وثلة البئر: ما أخرج من ترابها، جمعه: ثلل. والأطواء: واحده الطوي، البئر المطوية بالحجارة. وأسرت:

سارت ليلا والقرن: الحبل يجمع به البعيران.

(١٠) الشيمة: الطبيعة والخلق والعادة. وورهاء: حمقاء أو خرقاء. والحولات: جمع حولة، بالضم، وهي الداهية.

(١١) الفالج: البعير ذو السنامين. والقمن: السريع.

(١٢) في ف: «حطمه العلجان».