أخبار أبي زبيد ونسبه
  مات نديم له في غيبته فرثاه وصب الخمر على قبره
  أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه قال:
  كان لأبي زبيد نديم يشرب معه بالكوفة، فغاب أبو زبيد غيبة، ثم رجع فأخبر بوفاته، فعدل إلى قبره قبل دخوله منزله، فوقف عليه ثم قال:
  يا هاجري إذا جئت زائره ... ما كان من عاداتك الهجر
  يا صاحب القبر السّلام على ... من حال دون لقائه القبر
  ثم انصرف. وكان بعد ذلك يجيء إلى قبره فيشرب عنده ويصبّ الشراب على قبره.
  والأبيات التي فيها الغناء المذكور يقولها في غلام له قتلته تغلب، وكان مجاورا فيهم، فدلّ بهراء على عورتهم وقاتلهم معهم فقتل.
  شعره في غلبة تغلب على بهراء وقتل غلامه
  أخبرني بخبره أبو خليفة قال حدّثني محمد بن سلام. وأخبرني محمد بن العباس اليزيديّ عن عمه عبيد اللَّه عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابيّ قال:
  كان أخوال أبي زبيد بني تغلب، وكان يقيم فيهم أكثر أيامه، وكان له غلام يرعى إبله، فغزت بهراء بني تغلب، فمرّوا بغلامه، فدفع إليهم إبل أبي زبيد وقال: انطلقوا أدلَّكم على عورة القوم وأقاتل معكم. ففعلوا، والتقوا، فهزمت بهراء وقتل الغلام، فقال أبو زبيد هذه القصيدة وهي:
  هل كنت في منظر ومستمع ... عن نصر بهراء غير ذي فرس
  تسعى إلى فتية الأراقم واس ... ستعجلت قبل الجمان والقبس(١)
  في عارض من جبال بهرائها ال ... أولى(٢) مرين الحروب(٣) عن درس(٤)
  / فبهرة من لقوا حسبتهم ... أحلى وأشهى من بارد الدّبس(٥)
  لا ترة عندهم فتطلبها ... ولا هم نهزة لمختلس
  جود كرام إذا هم ندبوا ... غير لئام ضجر ولا كسس(٦)
  صمت عظام الحلوم إن قعدوا ... عن غير عيّ بهم ولا خرس
  تقود أفراسهم نساؤهم ... يزجون أجمالهم مع الغلس
(١) كذا في أكثر الأصول. وفي ط: «الحمار والعبس». وفي ف هنا وفيما سيأتي: «الحمار والعلس». والجمان والقبس: ناقتان. (انظر ص ١٣٨ من هذا الجزء).
(٢) الأولى: الذين.
(٣) كذا في ف. ومرين الحروب: حلبنها، والمراد أنهم تمرسوا بالحرب. وفي سائر الأصول: «مرين الحرور».
(٤) درس جمع درسة بالضم. كغرفة وغرف، وهي الرياضة.
(٥) بهرة، أراد بهراء. الدبس، بالكسر وبكسرتين: عسل التمر وعصارته.
(٦) كسس: جمع أكسس، أي ليس فيهم خروج الأسنان السفلى على الحنك الأسفل.