كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن أمية وأخيه علي

صفحة 371 - الجزء 12

  هو وخداع جارية خال المعتصم وأشعاره فيها

  أخبرني عمي قال حدّثني يعقوب بن إسرائيل قرقارة قال حدّثني محمد بن عليّ بن أمية قال:

  كان عمي محمد بن أمية يهوى جارية مغنّية يقال لها خداع كانت لبعض جواري خال⁣(⁣١) المعتصم، فكان يدعوها، ويعاشره إخوانه إذا دعوه بها اتّباعا لمسرته. وأراد المعتصم الخروج والتأهّب للغزو، وأمر الناس جميعا بالخروج، والتأهب، فدعاه بعض إخوانه قبل خروجهم بيوم، فلما أضحى النّهار جاء من المطر أمر⁣(⁣٢) عظيم لم يقدر معه [أحد]⁣(⁣٣) أن يطلع رأسه من داره، فكاد / محمد أن يموت غمّا، فكتب إلى صديقه الذي دعاه [وقد كان ركب إليه ثم رجع لشدة المطر]⁣(⁣٣)، ولم يقدر على لقائه:

  تمادى القطر وانقطع السبيل ... من الإلفين إذا جرت السيول

  على أني ركبت إليك شوقا ... ووجه الأرض أودية تجول

  وكان الشوق يقدمني دليلا ... وللمشتاق معتزما دليل

  / فلم أجد السبيل إلى حبيب ... أودّعه وقد أفد⁣(⁣٤) الرحيل

  وأرسلت الرسول فغاب عنّي ... فياللَّه ما فعل الرسول!

  وقال في ذلك أيضا:

  مجلس يشفى به الوطر ... عاق عنه الغيم والمطر

  ربّ خذ لي منهما فهما ... رحمة عمّت ولي ضرر

  ما على مولاي معتبة⁣(⁣٥) ... عذره باد ومستتر

  شغلت عيني بعبرتها ... واستمالت قلبي الفكر

  قال: ثم بيعت خداع هذه فاشتراها بعض ولد المهديّ وكان ينزل شارع الميدان، فحجبت عنه وانقطع ما بينهما إلَّا مكاتبة ومراسلة.

  قال محمد بن عليّ فأنشدني يوما عمّي محمد لنفسه فيها:

  خطرات الهوى بذكر خداع ... هجن شوقي لا دارسات الطلول

  حجبت أن ترى فلست أراها ... وأرى أهلها بكل سبيل

  وإذا جاءها الرسول رآها ... ليت عيني مكان عين الرسول

  قد أتاك الرسول ينعت ما بي ... فاسمعي منه ما يقول وقولي


(١) كلمة «خال» ساقطة من ف.

(٢) كذا في ف. وفي سائر النسخ: «فلما أصبحوا جاء المطر أمرا عظيما».

(٣) التكملة من ف.

(٤) أفد: دنا.

(٥) المعتبة: الموجدة والسخط.