كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب المتوكل الليثي وأخباره

صفحة 387 - الجزء 12

  أنا الشاعر المعروف وجهي ونسبتي ... أعفّ وتحميني يدي ولساني

  وأغلب من هاجيت عفوا وأنتمي ... إلى معشر بيض الوجوه حسان⁣(⁣١)

  فهات إذا يا بن الأتان كصاحب ال ... ملوك أبي، أسيّد كمهان!

  فهات كزيد أو كسيحان لا تجد ... لهم كفوا أو يبعث الثقلان

  هو وعكرمة بن ربعي

  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدّثنا العتبيّ⁣(⁣٢) عن العباس بن هشام عن أبيه عن عوانة قال:

  أتى المتوكل الليثي عكرمة بن ربعيّ الذي يقال له الفياض، فامتدحه فحرمه، / فقيل له: جاءك شاعر العرب فحرمته! فقال: ما عرفته. فأرسل إليه بأربعة آلاف درهم، فأبى أن يقبلها وقال: حرمني على رؤوس الناس ويبعث إليّ سرا.

  نسيبه بحسناء وهو يعاني الرمد وهجاؤه عكرمة

  فبينا المتوكل بالحيرة وقد رمد رمدا شديدا، فمرّ به قسّ منهم فقال: مالك؟ قال: رمدت. قال: أنا أعالجك.

  قال: فافعل. فذرّه⁣(⁣٣)، فبينا القس عنده وهو مذرور العين مستلق على ظهره، يفكر في هجاء عكرمة - وذلك غير مطَّرد له ولا القول في معناه - إذ أتاه غلام له فقال: بالباب امرأة تدعوك. فمسح عينيه وخرج إليها، فسفرت عن وجهها فإذا الشمس⁣(⁣٤) طالعة / حسنا، فقال لها: ما اسمك؟ قالت: أمية. قال: فممن أنت؟ فلم تخبره. قال: فما حاجتك؟ قالت: بلغني أنك شاعر فأحببت أن تنسب بي في شعرك. فقال: أسفري. ففعلت فكرّ⁣(⁣٥) طرفه في وجهها مصعّدا ومصوّبا، ثم تلثّمت وولَّت عنه، فاطَّرد له القول الذي كان استصعب عليه في هجاء عكرمة وافتتحه بالنسيب فقال:

  أجدّ اليوم جيرتك احتمالا ... وحثّ حداتهم بهم الجمالا⁣(⁣٦)

  وفي الأظعان آنسة لعوب ... ترى قتلي بغير دم حلالا⁣(⁣٧)

  أميّة يوم دير القسّ ضنّت ... علينا أن تنوّلنا نوالا

  أبيني لي فربّ أخ مصاف ... رزئت وما أحب به بدالا

  وقال فيها يهجو عكرمة:

  أقلني يا بن ربعيّ ثنائي ... وهبها مدحة ذهبت ضلالا


(١) في م، ط، ب، س: «وإنني».

(٢) كذا في ط، م. وفي سائر الأصول: «العكلي».

(٣) الذر: طرح الذرور في العين، وهو الكحل ونحوه.

(٤) في ف: «فإذا الشمس حسنا».

(٥) كذا في ف، ط. وفي سائر النسخ: «فكرر».

(٦) في ف: «عجالا».

(٧) في ف، ح: «كعوب».