أخبار شبيب بن البرصاء ونسبه
  فاخر عقيل بن علَّفة شبيب بن البرصاء فقال شبيب يهجوه، ويعيّر برجل من طيء كان يأتي أمه عمرة بنت الحارث يقال له حيّان، ويهجو غيظ بن مرّة:
  ألسنا بفرع قد علمتم دعامة ... ورابية تنشقّ عنها سيولها(١)
  وقد علمت سعد بن ذبيان أننا ... رحاها(٢) الذي تأوى إليها وجولها(٣)
  إذا لم نسسكم في الأمور ولم نكن ... لحرب عوان لاقح من يئولها(٤)
  فلستم بأهدى في البلاد من التي ... تردّد حيرى حين غاب دليلها
  دعت جلّ يربوع عقيلا لحادث ... من الأمر فاستخفى وأعيا عقيلها
  فقلت له: هلَّا أجبت عشيرة ... لطارق ليل حين جاء رسولها!
  وكائن لنا من ربوة لا تنالها ... مراقيك أو جرثومة لا تطولها
  فخرت بأيام لغيرك فخرها ... وغرّتها معروفة وحجولها
  إذا الناس هابوا سوءة عمدت لها ... بنو جابر شبّانها وكهولها
  / فهلَّا بني سعد صبحت بغارة ... مسوّمة قد طار عنها نسيلها(٥)!
  فتدرك وترا عند الأم(٦) واتر ... وتدرك قتلى لم تتمّم عقولها(٧)
  افتخر عليه عقيل بمصاهرته للملوك فهجاه
  وقال أبو عمرو: اجتمع عقيل بن علَّفة وشبيب بن البرصاء عند يحيى بن الحكم فتكلَّما في بعض الأمر، فاستطال عقيل على شبيب بالصّهر الذي بينه وبين بني مروان وكان زوّج ثلاثا من بناته فيهم، فقال شبيب يهجوه:
  ألا أبلغ أبا الجرباء عنّي ... بآيات التباغض والتقالي
  فلا تذكر أباك العبد وافخر ... بأمّ لست مكرمها وخال
  وهبها مهرة لقحت ببغل ... فكان جنينها شرّ البغال
(١) الفرع (بضم الفاء وسكون الراء المهملة ثم عين مهملة): عدة قرى آهلة على أربعة أيام من المدينة.
(٢) رحى القوم: سيدهم الذي يصدرون عن رأيه وينتهون إلى أمره.
(٣) الجول: الصخرة التي في الماء يكون عليها الطيّ فإن زالت تلك الصخرة تهوّر البئر.
(٤) حرب عوان: قوتل فيها مرة كأنهم جعلوا الأولى بكرا، وحرب لاقح: من لقحت الناقة إذا حملت فهي لاقح، على التشبيه بالأنثى الحامل التي لا يدرى ما تلد، قال الحرث بن عباد:
لقحت حرب وائل عن حيال
وقال الأعشي:
إذا شمسرت بالناس شهباء لاقح ... عوان شديد همزها وأظلت
يئولها: يسومها، و «من» خبر «نكن»؛ أي سائسين لها.
(٥) الغارة: الخيل المغيرة. مسوّمة: مرسلة وعليها ركبانها، أو معلمة. النسيل: ما سقط من شعر وصوف.
(٦) كذا في ط، ف، م، وفي س، ب «ألم».
(٧) العقول: جمع عقل، وهو الدية.