كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب يزيد بن الحكم وأخباره

صفحة 477 - الجزء 12

  روى ابنه العباس بعض شعره لجرير فأكرمه

  أخبرني عمي قال حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال: حدّثني هارون بن مسلم قال حدّثني عثمان بن حفص قال حدّثني عبد الواحد عريف ثقيف بالبصرة:

  أن العباس بن يزيد بن الحكم الثقفيّ هرب من يوسف بن عمر إلى اليمامة، قال: فجلست في مسجدها وغشيني قوم من أهلها، قال: فو اللَّه إني لكذلك إذا إنا بشيخ قد دخل يترجّح في مشيته، فلما رآني أقبل إليّ، فقال القوم: هذا جرير، / فأتاني حتى جلس إلى جنبي، ثم قال لي: السّلام عليك، ممّن أنت؟ قلت: [رجل من ثقيف.

  قال: أعرضت الأديم، ثمّ ممن؟ قلت⁣(⁣١):] رجل من بني مالك، فقال: لا إله إلا اللَّه! أمثلك يعرف بأهل بيته! فقلت: أنا رجل من ولد أبي العاصي، قال: ابن بشر؟ قلت: نعم. قال: أيّهم أبوك؟ قلت: يزيد بن الحكم. قال:

  فمن الذي يقول:

  فني الشّباب وكلّ شيء فان ... وعلا لداتي شيبهم وعلاني

  قلت: أبي، قال: فمن الذي يقول:

  ألا لا مرحبا بفراق ليلى ... ولا بالشيب إذ طرد⁣(⁣٢) الشبابا

  شباب بان محمودا وشيب ... ذميم لم نجد لهما اصطحابا

  فما منك الشباب ولست منه ... إذا سألتك لحيتك الخضابا

  قلت: أبي، قال: فمن الذي يقول:

  تعالوا فعدّوا يعلم الناس أيّنا ... لصاحبه في أوّل الدهر تابع

  تزّيد يربوع بكم في عدادها ... كما زيد في عرض الأديم الأكارع⁣(⁣٣)

  قال: قلت: غفر اللَّه لك، كان أبي أصون لنفسه وعرضه من أن يدخل بينك وبين ابن عمك، فقال: رحم اللَّه أباك، فقد مضى لسبيله، ثم انصرف، فنزّلني بكبشين، فقال لي أهل اليمامة، ما نزّل أحدا قبلك قط.

  شعره في جارية مغنية كان يهواها وقد ارتحلت عنه

  أخبرني محمد بن مزيد بن أبي الأزهر قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن إبراهيم الموصلي عن يزيد حوراء المغنّي قال:

  / كان يزيد بن الحكم الثقفي يهوى جارية مغنّية، وكانت غير مطاوعة له، فكان يهيم بها، ثم قدم رجل من أهل الكوفة فاشتراها، فمرّت بيزيد بن الحكم مع غلمة لمولاها وهي راحلة، فلما علم بذلك رفع صوته فقال:

  يا أيها النازح الشّسوع ... ودائع القلب لا تضيع⁣(⁣٤)


(١) أعرض الشيء وعرّضه: جعله عريضا أي وسعه. وما بين القوسين وارد في ف. ساقط في غيرها.

(٢) كذا في ف، وج. وفي باقي الأصول: «طرق».

(٣) الأكارع: جمع كراع، وهو من البقر والغنم بمنزلة الوظيف من الفرس وهو مستدق الساق.

(٤) الشسوع: الشاسع البعيد.