كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أرطأة ونسبه

صفحة 24 - الجزء 13

  / وفرغ من الحروب الَّتي كان بها متشاغلا. وصمد⁣(⁣١) لإنفاذ الجيوش إلى ابن الزّبير لمحاربته، فهنّأه وكان خاصّا به وبأخيه يحيى بن الحكم، ثم أنشده:

  تشكَّى قلوصي إليّ الوجى ... تجرّ السّريج وتبلي الخداما⁣(⁣٢)

  تزور كريما له عندها⁣(⁣٣) ... يد لا تعدّ وتهدي السّلاما

  وقلّ ثوابا له أنّها ... تجيد القوافي عاما فعاما

  وسادت معدّا على رغمها ... قريش وسدت قريشا غلاما

  جعلت على الأمر فيه صغا⁣(⁣٤) ... فما زال غمزك حتى استقاما

  لقيت الزّحوف فقاتلتها ... فجرّدت فيهنّ عضبا حساما

  تشقّ القوانس⁣(⁣٥) حتى تنا ... ل ما تحتها ثم تبري العظاما

  نزعت⁣(⁣٦) على مهل سابقا ... فما زادك النّزع إلَّا تماما

  فزاد لك اللَّه سلطانه ... وزاد لك الخير منه فداما

  فكساه مروان وأمر له بثلاثين ناقة وأوقرهنّ له برّا وزبيبا وشعيرا.

  هجاؤه شبيبا وقد وقع فيه عند يحيى بن الحكم

  قال: وكان أرطأة يهاجي شبيب بن البرصاء، ولكلّ واحد منهما في صاحبه هجاء كثير، وكان كلّ واحد منهما ينفي صاحبه عن عشيرته في أشعاره، فأصلح بينهما / يحيى بن الحكم، وكانت بنو مرّة تألفه وتنتجعه لصهره فيهم.

  فلما افترقا سبعه⁣(⁣٧) شبيب عند يحيى بن الحكم؛ فقال أرطاة له:

  رمتك فلم تشو⁣(⁣٨) الفؤاد جنوب ... وما كلّ من يرمي الفؤاد يصيب

  وما زوّدتنا غير أن خلطت لنا ... أحاديث منها صادق وكذوب

  ألا مبلغ فتيان قومي أنّني ... هجاني ابن برصاء اليدين شبيب

  وفي آل عوف من يهود قبيلة ... تشابه منها ناشئون وشيب

  أبي كان خيرا من أبيك ولم يزل ... جنيبا لآبائي وأنت جنيب⁣(⁣٩)


(١) صمد: قصد.

(٢) القلوص: الناقة الشابة. الوجى: الحفا. والسريج: الَّذي تشدّ به الخدمة فوق الرسغ. والخدام جمع خدمة (بالتحريك) هي السير الغليظ المحكم مثل الحلقة يشدّ في رسغ البعير ثم يشدّ إليها سرائج نعلها.

(٣) في س: «عنده» وهو تحريف.

(٤) الصغا: الميل.

(٥) القوانس: جمع قونس، وهو أعلى البيضة من الحديد.

(٦) نزعت: جريت.

(٧) سبعه: شتمه ووقع فيه بالقول القبيح.

(٨) لم تشو: لم تصب الشوى، والشوى: كل ما كان غير مقتل من الأعضاء. وجنوب: اسم امرأة.

(٩) الجنيب: المنقاد.