أخبار أرطأة ونسبه
  وما زلت خيرا منك مذ عضّ كارها ... برأسك عاديّ النّجاد رسوب
  فما ذنبنا إن أمّ حمزة جاورت ... بيثرب أتياسا لهنّ نبيب(١)
  وإنّ رجالا بين سلع وواقم(٢) ... لأير أبيهم في أبيك نصيب
  فلو كنت عوفيّا عميت وأسهلت ... كداك ولكنّ المريب مريب(٣)
  حرص العوفيين على العمى عند الكبر
  فأخبرني عمي قال حدّثنا الكرانيّ قال حدّثنا العمريّ عن العتبيّ قال: لمّا قال هذا الشعر أرطاة في شبيب بن البرصاء كان كلّ شيخ من بني عوف يتمنّى أن يعمى - وكان العمى شائعا / في بني عوف كلَّما أسنّ منهم رجل عمي - فعمر أرطاة ولم يعم، فكان شبيب يعيّره بذلك. ثم مات أرطاة وعمي شبيب، فكان يقول بعد ذلك: ليت أرطاة عاش حتى يراني أعمى فيعلم أنّي عوفيّ.
  ما كان له مع شبيب وقد تمنى لقاءه في يوم قتال
  ونسخت من كتاب ابن الأعرابيّ في شعر أرطاة قال: كان شبيب بن البرصاء يقول: وددت أنّي جمعني وابن الأمة أرطاة بن سهيّة يوم قتال فأشفي منه غيظي. فبلغ ذلك أرطاة فقال له:
  إن تلقني لا ترى غيري بناظرة ... تنس السلاح وتعرف جهة الأسد(٤)
  ماذا تظنّك تغنى في أخي رصد ... من أسد خفّان جابي العين ذي لبد(٥)
  - جابي العين وجائب العين: شديد النظر -
  أبى ضراغمة غبر يعوّدها ... أكل الرجال متى يبدأ لها يعد
  يا أيها المتمنّي أن يلاقيني ... إن تنأ آتك أو إن تبغني تجد
  نقض اللبانة من مرّ شرائعه ... صعب المقادة تخشاه فلا تعد(٦)
  متى تردني لا تصدر لمصدرة ... فيها نجاة وإن أصدرك لا ترد
  لا تحسبنّي كفقع(٧) القاع ينقره ... جان(٨) بإصبعه أو بيضة(٩) البلد
  أنا ابن عقفان معروف له نسبي ... إلا بما شاركت أمّ على ولد
(١) النبيب: صياح التيوس عند هياجها.
(٢) سلع: جبل متصل بالمدينة. وواقم: أطم من آطامها وإليه تنسب حرة وأقم.
(٣) كدى: جمع كدية (بالضم) والكدية: الأرض الغليظة. يريد: لو كنت من بني عوف بن سعد بن ذبيان لعميت مثل كثيرين منهم ولسهلت أرضك الغليظة.
(٤) الناظرة: العين.
(٥) في ب، س «ماذا أظنك». والتصحيح من نسخة ط. أخي رصد، يقال رصده رصدا ورصدا بفتح الصاد: رقبه، كرصده. والراصد:
الأسد. والرصيد: السبع يرصد الوثوب، كما في «القاموس». وخفان: موضع قرب الكوفة كان مأسدة.
(٦) الشرائع: (جمع شريعة) وهي مورد الشاربة، يقول: إن من يطمع في مواردي يجد ماء مرا.
(٧) فقع القاع: الكمأة.
(٨) الجاني: الَّذي يجنيها.
(٩) بيضة البلد: الخامل الَّذي لا يعرف نسبه، ويضرب به المثل للذل.