أخبار أرطأة ونسبه
  بالظَّفر، ومدحه فأطال المقام عنده، وأرجف أعداؤه بموته، فلما قدم - وقد ملأ يديه - بلغه ما كان منهم، فقال فيهم:
  إذا ما طلعنا من ثنيّة لفلف(١) ... فخبّر رجالا يكرهون إيابي
  وخبّرهم أني رجعت بغبطة ... أحدّد أظفاري ويصرف(٢) نابي
  وإني ابن حرب لا تزال تهرّني ... كلاب عدوّي أو تهرّ كلابي
  أرطاة وزميل يتلاحيان
  وقال أبو عمرو الشّيبانيّ: وقع بين زميل(٣) قاتل ابن دارة وبين أرطاة بن سهيّة لحاء؛ فتوعده زميل، وقال:
  إني لأحسبك ستجرع مثل كأس ابن دارة. فقال له أرطاة:
  /
  يا زمل إني إن أكن لك سائقا ... تركض برجليك النجاة وألحق
  لا تحسبنّي كامرئ صادفته ... بمضيعة فخدشته بالمرفق
  إنّي امرؤ أوفي إذا قارعتكم ... قصب الرّهان وما أشأ أتعرّق(٤)
  فقال له زميل:
  يا أرط إن تك فاعلا ما قلته ... والمرء يستحيي إذا لم يصدق
  فافعل كما فعل ابن دارة سالم ... ثم امش هونك(٥) سادرا لا تتّق
  وإذا جعلتك بين لحيي شابك الأ ... نياب فارعد ما بدا لك وابرق
  أخبرني أبو الحسن الأسديّ، قال: حدّثنا الرّياشيّ، قال: حدّثنا الأصمعيّ قال: قال أرطاة بن سهية للربيع بن قعنب:
  لقد رأيتك عريانا ومؤتزرا ... فما عرفت أأنثى أنت أم ذكر؟
  / فقال له الربيع: لكن سهيّة قد عرفتني. فغلبه وانقطع أرطاة.
  عبد الرحمن بن سهيل يتزوّج أم هشام ويأخذ عليها المواثيق عند وفاته ألا تتزوّج بعده ولكنها تزوجت عمر بن عبد العزيز
  أخبرني عمي، قال: حدّثنا الحسن بن عليل العنزي قال: حدّثنا قعنب بن المحرز عن الهيثم بن الربيع عن عمرو بن جبلة الباهليّ قال: تزوّج عبد الرحمن بن سهيل بن عمرو أمّ هشام بنت عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، وكانت من أجمل نساء قريش(٦)، وكان يجد بها وجدا شديدا، فمرض مرضته الَّتي هلك فيها، فجعل يديم النظر
(١) لفلف: بلد تجاه برد من حرة ليلي. وهي من أداني ديار بني مرة (عن «معجم ما استعجم للبكري»). وفي هامش ط: «ويروى فبشر رجالا».
(٢) صريف الأنياب: حرقها وسماع صوتها.
(٣) زميل: هو زميل بن عبد مناف الفزاري، تولى قتل ابن دارة لأنه هجا ثابت بن رافع الفزاري وهجا كذلك فزارة جميعا فقال:
لا تأمنن فزاريا خلوت به ... على قلوصك واكتبها بأسيار
وابن دارة هذا: هو سالم بن مسافع. ودارة أمه. (انظر «الشعر والشعراء» ص ٢٣٦ طبع ليبسك).
(٤) أتعرق: أذهب.
(٥) الهون ومثله الهوينى: التؤدة والرفق. والسادر هنا: الَّذي لا يهتم لشيء ولا يبالي ما صنع.
(٦) في أغلب النسخ: «قيس». والتصويب من ج ونسخة الشنقيطي.