أخبار جعفر بن علبة الحارثي ونسبه
  بسحبل فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل جعفر بن علبة رجلا من عقيل يقال له خشينة، فاستعدى العقيليّون إبراهيم بن هشام المخزوميّ عامل مكة، فرفع الحارثيين(١) الأربعة من نجران حتى حبسهم بمكة، ثم أفلت منه رجل فخرج هاربا، فأحضرت عقيل قسامة: حلفوا أن جعفر قتل صاحبهم. فأقاده إبراهيم بن هشام. / قال وقال جعفر بن علبة قبل أن يقتل وهو محبوس:
  عجبت لمسراها وأنّي تخلَّصت ... إليّ وباب السجن بالقفل(٢) مغلق
  ألمّت فحيّت ثم قامت فودّعت ... فلما تولَّت كادت النفس تزهق
  فلا تحسبي أني تخشّعت بعدكم ... لشيء ولا أنّي من الموت أفرق
  وكيف وفي كفي حسام مذلَّق(٣) ... يعضّ بها مات الرجال ويعلق
  ولا أن قلبي يزدهيه وعيدهم ... ولا أنّني بالمشي في القيد أخرق(٤)
  ولكن عرتني من هواك(٥) صبابة ... كما كنت ألقى منك إذ أنا مطلق
  فأما الهوى والودّ مني فطامح ... إليك وجثماني بمكة موثق
  وقال جعفر بن علبة لأخيه [ماعز](٦) يحرّضه:
  وقل لأبي عون إذا ما لقيته ... ومن دونه عرض الفلاة يحول
  - في نسخة ابن الأعرابي:
  ... إذا ما لقيته ... ودونه من عرض الفلاة محول
  بالميم، وبشمّ الهاء في «دونه» بالرفع وتخفيفها، وهي لغتهم خاصة - /
  تعلَّم وعدّ الشّكّ أنّي يشفّني ... ثلاثة أحراس معا وكبول(٧)
  إذا رمت مشيا أو تبوّأت مضجعا ... يبيت لها فوق الكعاب صليل
  ولو بك كانت لابتعثت مطيّتي ... يعود الحفا أخفافها وتجول
  / إلى العدل حتى يصدر(٨) الأمر مصدرا ... وتبرأ منكم قالة وعدول
(١) رفعهم: أرسلم إلى الوالي.
(٢) الرواية في «أشعار الحماسة»: «دوني» بدل «بالقفل».
(٣) مذلق: محدّد.
(٤) في ج و «أشعار الحماسة» و «مختار الأغاني» و «معاهد التنصيص» (ص ٥٧ طبع بولاق): «وعيدكم». ورواية الشطر في «أشعار الحماسة»:
ولا أن نفسي يزدهيها وعيدكم
وقال التبريزي في شرحه لهذا البيت: (ويروى «وعيدهم»). والأخرق هنا: الدهش فزعا، أو هو القليل الرفق بالشيء.
(٥) كذا في جميع الأصول. وفي معاهد التنصيص وط: «ضمانة». وكتب بهامشها: ويروى:
ولكنّ مابي من هواك ضمانة
والضمانة: المرض والزمانة.
(٦) زيادة عن ج.
(٧) يشفه: يهزله ويضمره ويذهب بعقله. والكبول: القيود، واحدها كبل (بالفتح وبكسر). والكبل: القيد أو هو أعظم ما يكون من القيود.
(٨) في ط: «حتى تصدر» بالتاء.