كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار جعفر بن علبة الحارثي ونسبه

صفحة 37 - الجزء 13

  بسحبل فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل جعفر بن علبة رجلا من عقيل يقال له خشينة، فاستعدى العقيليّون إبراهيم بن هشام المخزوميّ عامل مكة، فرفع الحارثيين⁣(⁣١) الأربعة من نجران حتى حبسهم بمكة، ثم أفلت منه رجل فخرج هاربا، فأحضرت عقيل قسامة: حلفوا أن جعفر قتل صاحبهم. فأقاده إبراهيم بن هشام. / قال وقال جعفر بن علبة قبل أن يقتل وهو محبوس:

  عجبت لمسراها وأنّي تخلَّصت ... إليّ وباب السجن بالقفل⁣(⁣٢) مغلق

  ألمّت فحيّت ثم قامت فودّعت ... فلما تولَّت كادت النفس تزهق

  فلا تحسبي أني تخشّعت بعدكم ... لشيء ولا أنّي من الموت أفرق

  وكيف وفي كفي حسام مذلَّق⁣(⁣٣) ... يعضّ بها مات الرجال ويعلق

  ولا أن قلبي يزدهيه وعيدهم ... ولا أنّني بالمشي في القيد أخرق⁣(⁣٤)

  ولكن عرتني من هواك⁣(⁣٥) صبابة ... كما كنت ألقى منك إذ أنا مطلق

  فأما الهوى والودّ مني فطامح ... إليك وجثماني بمكة موثق

  وقال جعفر بن علبة لأخيه [ماعز]⁣(⁣٦) يحرّضه:

  وقل لأبي عون إذا ما لقيته ... ومن دونه عرض الفلاة يحول

  - في نسخة ابن الأعرابي:

  ... إذا ما لقيته ... ودونه من عرض الفلاة محول

  بالميم، وبشمّ الهاء في «دونه» بالرفع وتخفيفها، وهي لغتهم خاصة - /

  تعلَّم وعدّ الشّكّ أنّي يشفّني ... ثلاثة أحراس معا وكبول⁣(⁣٧)

  إذا رمت مشيا أو تبوّأت مضجعا ... يبيت لها فوق الكعاب صليل

  ولو بك كانت لابتعثت مطيّتي ... يعود الحفا أخفافها وتجول

  / إلى العدل حتى يصدر⁣(⁣٨) الأمر مصدرا ... وتبرأ منكم قالة وعدول


(١) رفعهم: أرسلم إلى الوالي.

(٢) الرواية في «أشعار الحماسة»: «دوني» بدل «بالقفل».

(٣) مذلق: محدّد.

(٤) في ج و «أشعار الحماسة» و «مختار الأغاني» و «معاهد التنصيص» (ص ٥٧ طبع بولاق): «وعيدكم». ورواية الشطر في «أشعار الحماسة»:

ولا أن نفسي يزدهيها وعيدكم

وقال التبريزي في شرحه لهذا البيت: (ويروى «وعيدهم»). والأخرق هنا: الدهش فزعا، أو هو القليل الرفق بالشيء.

(٥) كذا في جميع الأصول. وفي معاهد التنصيص وط: «ضمانة». وكتب بهامشها: ويروى:

ولكنّ مابي من هواك ضمانة

والضمانة: المرض والزمانة.

(٦) زيادة عن ج.

(٧) يشفه: يهزله ويضمره ويذهب بعقله. والكبول: القيود، واحدها كبل (بالفتح وبكسر). والكبل: القيد أو هو أعظم ما يكون من القيود.

(٨) في ط: «حتى تصدر» بالتاء.