أخبار جعفر بن علبة الحارثي ونسبه
  وشربة ماء من خدوراء(١) بارد ... جرى تحت أظلال(٢) الأراك المسوّق
  وسيري مع الفتيان(٣) كلّ عشية ... أبارى مطاياهم(٤) بصهباء سيلق
  / إذا كلحت(٥) عن نابها مجّ شدقها ... لغاما(٦) كمحّ البيضة المترقرق
  وأصهب جونيّ كأن بغامه ... تبغّم مطرود من الوحش مرهق(٧)
  / برى(٨) لحم دفّيه وأدمى أظله أج ... تيابي الفيافي سملقا بعد سملق(٩)
  وذكر بعده الأبيات الماضية. وهذا وهم من النضر، لأن تلك الأبيات مرفوعة القافية وهذه مخفوضة، فأتيت بكل واحدة منهما منفردة ولم أخلطهما لذلك.
  علبة ينحر أولاد النوق والشياه لتصيح مع النسوة بكاء على جعفر
  أخبرني الحسين بن يحيى المرداسيّ عن حماد بن إسحاق عن أبيه عن أبي عبيدة قال: لما قتل جعفر بن علبة قام نساء الحيّ يبكين عليه، وقام أبوه إلى كلّ ناقة وشاة فنحر أولادها، وألقاها بين أيديها وقال: أبكين معنا على جعفر! فما زالت النوق ترغو والشاء تثغو والنساء يصحن ويبكين وهو يبكي معهنّ؛ فما رئى يوم كان أوجع وأحرق مأتما في العرب من يومئذ.
  صوت
  /
  علَّلاني إنما الدنيا علل ... واسقياني عللا بعد نهل(١٠)
  أصحب الصاحب ما صاحبني ... وأكفّ اللوم عنه والعذل(١١)
  الشعر للعجير السلولي. والغناء لابن سريج ثقيل أوّل بالوسطى عن حبيش. وذكر الهشاميّ أنه من منحول يحيى المكَّيّ.
(١) خدوراء: موضع في بلاد بني الحارث بن كعب ذكره ياقوت في «معجم البلدان».
(٢) في «معجم البلدان لياقوت» في روايته لهذا البيت: «أفنان» بدل «أظلال».
(٣) في ط: «وسير مع الفتيان».
(٤) كذا أصلحها الشنقيطي في نسخته، وفي سائر الأصول: «نداماهم». والأصهب من الإبل: الَّذي يخالط بياضه حمرة، وهو أن يحمرّ أعلى الوبر وتبيض أجوافه. وإنما خص الإبل الصهب بالذكر لأنها خير الإبل لسرعتها. والسيلق: الماضية في سيرها. ورواية البيت في «اللسان» (مادة سلق):
وسيري مع الركبان كل عشية ... أباري مطاياهم بأدماء سيلق
والأدماء من الإبل: البيضاء ذات المقلتين السوداوين.
(٥) كلحت: كشرت في عبوس.
(٦) اللغام: زبد أفواه الإبل، وهو من البعير بمنزلة البزاق أو اللعاب من الإنسان. ومح البيضة ومحتها: صفرتها. وفي «اللسان» (مادة محح): «وقال ابن شميل: مح البيض: ما في جوفه من أصفر وأبيض كله مح. ومنهم من قال: المحة: الصفراء. والغرقئ:
البياض الَّذي يؤكل. والمترقرق: المتحرك جيئة وذهوبا.
(٧) يريد: بعيرا جونيا، وهو الأسود المشرب حمرة. وبغامه: صوته. يقال بغمت الناقة تبغم (بالكسر) بغاما: قطعت الحنين ولم تمده.
ويكون ذلك للبعير أيضا. وتبغم (بالتشديد) لبغم. انظر «اللسان» (مادة بغم).
(٨) في سائر الأصول: «ترى» بالتاء وهو تحريف. وما أثبتنا عن نسخة الشنقيطي مصصحا بقلمه.
(٩) دفا البعير: جنباه. وأظله: باطن منسمه، أو هو باطن إصبعه. السملق: الأرض المستوية الجرداء لا نبات فيها.
(١٠) العل والعلل (محركة): الشربة الثانية، وقيل الشرب بعد الشرب تباعا. والنهل (بالتحريك): أول الشرب.
(١١) العذل (بالتحريك): الاسم من عذله يعذله عذلا فاعتذل وتعذل: لامه فقبل منه وأعتب.