كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار العجير السلولي ونسبه

صفحة 42 - الجزء 13

  وابعث من يبصر الأرضين والضياع، فإن لم يكن الأمر على ما أخبرتك فلك دمي حلّ⁣(⁣١) وبلّ، فبعث فاتخذ ذلك الماء، فهو اليوم من خيار ضياع بني أمية.

  نافع الكناني يطلبه ليقيم الحد أو يقيم عليه ذلك بنو حنيفة فيهرب

  نسخت من كتاب عبيد اللَّه بن محمّد اليزيديّ عن ابن حبيب عن ابن الأعرابيّ قال: هجا العجير قوما من بني حنيفة وشتمهم، فأقاموا عليه البيّنة عند نافع بن / علقمة الكنانيّ، فأمرهم بطلبه وإحضاره ليقيم عليه الحدّ وقال لهم: إن وجدتموه أنتم فأقيموا عليه الحد وليكن ذلك في ملأ يشهدون به لئلا يدّعي عليكم تجاوز الحق. فهرب العجير منهم ليلا حتى أتى نافع بن علقمة، فوقف له متنكرا حتى خرج من المسجد، ثم تعلق بثوبه وقال:

  /

  إليك سبقنا السوط والسجن، تحتنا ... حيال يسامين الظلال ولقّح⁣(⁣٢)

  إلى نافع لا نرتجي ما أصابنا ... تحوم علينا السانحات وتبرح

  فإن أك مجلودا فكن أنت جالدي ... وإن أك مذبوحا فكن أنت تذبح

  فسأله عن المطر وكيف كان أثره، فقال له:

  يا نافع يا أكرم البرية⁣(⁣٣) ... واللَّه لا أكذبك العشيّه

  إنا لقينا سنة قسيّه⁣(⁣٤) ... ثم مطرنا مطرة رويه ... فنبت البقل ولا رعيه⁣(⁣٥)

  - يعني أن المواشي هلكت قبل نبات البقل - فقال له: آنج بنفسك فإنّي سأرضي خصومك، ثمّ بعث إليهم فسألهم الصفح عن حقّهم وضمن لهم أن لا يعاود هجاءهم.

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال:

  حدّثنا الزبير بن بكَّار قال: حدّثني عمر بن إبراهيم السعديّ عن عباس بن عبد الصمد السعديّ قال: قال هشام بن عبد الملك للعجير السلوليّ: أصدقت فيما قلته لابن عمك؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، إلا أني قلت:

  فتى قدّ قدّ السيف لا متضائل ... ولا رهل لبّاته وبآدله⁣(⁣٦)

  / - هذا البيت يروى لأخت يزيد بن الطَّثريّة⁣(⁣٧) ترثيه به -


(١) حل: حلال. وبل: مباح مطلق. وبل من برد الماء أي أن دمي يبرد صدرك. وقيل: «بل» اتباع «لحل» أي توكيد. إلا أن أبا عبيدة وابن السكيت لم يرتضيا هذا الاتباع لمكان الواو بينهما. انظر «اللسان» (مادة بلل).

(٢) حيال: جمع حائل. والحائل: الناقة الَّتي ضربها الفحل فلم تحمل. ولقح: جمع لاقح. واللاقح: الناقة الحامل. ويسامين الظلال:

يبارينها. وفي ط: «طلح» بدل «لقح» وكتب بهامشها كلمة «لقح» إشارة إلى الروايتين. وطلح: جمع طالح. والطالح: الناقة الَّتي أجهدها السير فأصابها الكلال والإعياء.

(٣) رواية «اللسان» لهذا الشطر منسوبا إلى العجير السلولي (مادة قسا):

يا عمرو يأكيرم البرية

(٤) القسية: الشديدة لا مطر فيها، من القسوة.

(٥) الرعية: الماشية الراعية أو المرعية. (كما في «القاموس»).

(٦) الرهل: يقال رهل لحمه اضطرب واسترخى أو ورم من غير داء. اللبة: موضع النحر. والبآدل: جمع بأدلة؛ وهي اللحمة بين العنق والترقوة. وفي «الأغاني» (ج ٨ ص ١٨٣ طبع دار الكتب) وهامش ط: «أباجله». والأباجل: جمع أبجل؛ وهو عرق غليظ في الرجل، وقيل في باطن الذراع.

(٧) في «أشعار الحماسة» (ص ٤١٦ طبع أوروبا) ذكر هذا البيت ضمن أبيات ستة منسوبة إلى العجير السلولي، لكن مع اختلاف في تقديم