كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار العجير السلولي ونسبه

صفحة 45 - الجزء 13

  العجير يكل زواجه ابنته إلى خالها ثم يطلقها من المولى بعد قدومه

  وقال ابن الأعرابي: غاب العجير غيبة إلى الشآم، وجعل أمر ابنته إلى خالها، وأمره أن يزوّجها بكفء.

  فخطبها مولى لبني هلال كان ذا مال، فرغبت أمّها فيه وأمرت خال الصبية الموصى إليه بأمرها أن يزوّجها ففعل.

  فلاذت الجارية بأخيها الفرزدق بن العجير، وبرجال من قومها، وبابن عمّ لها يقال له قيل، فمنعوا جميعا منها سوى ابن عمها القيل فإنّه ساعد أمها على ما أرادت، ومنع منها الفرزدق. فلما قدم العجير أخبر بما جرى ففسخ النكاح وخلع ابنته من المولى وقال:

  ألا هل لبعجان الهلاليّ زاجر ... وبعجان مأدوم الطعام سمين

  أليس أمير المؤمنين ابن عمها ... وبالحنو⁣(⁣١) آساد لها وعرين

  وعاذت بحقوى⁣(⁣٢) عامر وابن عامر ... وللَّه قد بتت عليّ يمين

  تنالونها⁣(⁣٣) أو يخضب الأرض منكم ... دم خرّ عنه حاجب وجبين

  / وقال أيضا في ذلك:

  إذا ما أتيت الخاضبات أكفّها ... عليهنّ مقصور الحجال المروّق⁣(⁣٤)

  فلا تدعونّ القيل⁣(⁣٥) إلا لمشرب ... رواء ولكنّ الشجاع الفرزدق

  هو ابن لبيضاء الجبين نجيبة ... تلقّت⁣(⁣٦) بطهر لم يجيء وهو أحمق

  تداعى إليه أكرم الحيّ نسوة ... أطفن بكسري بيتها حين تطلق⁣(⁣٧)

  فجاءت بعريان اليدين كأنّه ... من الطير باز ينفض الطَّلّ أزرق

  قول العجير في رفيق

  وقال ابن الأعرابيّ: كان للعجير رفيق يقال له أصبح، وكانا يصيبان الطريق، وفيه يقول العجير:

  ومنخرق عن منكبيه قميصه ... وعن ساعديه، للأخلَّاء وواصل

  إذا طال بالقوم المطافى تنوفة ... وطول السّرى ألفيته غير نأكل⁣(⁣٨)

  دعوت وقد دبّ الكرى في عظامه ... وفي رأسه حتّى جرى في المفاصل

  كما دبّ صافي الخمر في مخّ شارب ... يميل بعطفيه، عن اللَّبّ ذاهل


(١) الحنو: حنو ذي قار قرب الكوفة.

(٢) الحقو (بالفتح وبكسر): معقد الإزار. ويسمى الإزار كذلك حقوا لأنه يشد على الحقو، كما تسمى المزادة الراوية لأنها تحمل على الراوية، وهو الجمل. والعرب تقول: «عذت بحقوه إذا عاذ به ليمنعه».

(٣) تنالونها: لا تنالونها. وحذف «لا» النافية في مثل هذا كثير.

(٤) المروق: ذو الستور. والرواق: ستر دون السقف، أو مقدّم البيت. وورد في هامش ط: «المروق الَّذي عليه رواق، أي ستر».

(٥) كذا في ج وهامش ط، وفي سائر الأصول: «فلا يذعرنك القيل». والقيل: اللبن يشرب في القائلة.

(٦) تلقت: علقت، أي حبلت.

(٧) الكسر: جانب البيت أو الشقة السفلى. وتطلق بالبناء للمجهول من طلقت، كعنى، في المخاض أصابها وجع الولادة.

(٨) المطا هنا: التمطي، والتمطي: السير الممتد. والتنوفة كالتنوفية: الأرض الواسعة البعيدة الأطراف وتسمى المفازة. والناكل هنا:

الجبان الضعيف.