أخبار العجير السلولي ونسبه
  - هذا البيت يروى لابن الدّمينة، وهو بشعره أشبه، ولا يشاكل أيضا هذا المعنى ولا هو من طريقه؛ لأنه تشكى في سائر الشعر قومها دونها، وهذا بيت يصف فيه الصدّ منها، ولكن / هكذا هو في رواية ابن الأعرابي -
  وأنت المنى لو كنت تستأنفيننا ... بخير ولكن معتفاك جديب(١)
  أيؤكل مالي وابن مروان شاهد ... ولم يقض لي وابن الحسام قريب
  فتى محض أطراف العروق مساور ... جبال العلا طلق اليدين وهوب(٢)
  فأمر محمّد بن مروان بإحضار ابن الحسام الكلابي فأحضر، فحبسه حتى ردّ مال العجير، وأمر العجير بالانصراف إلى حيّه وترك النزول على المرأة أو في قومها. قال: وقال العجير فيها أيضا:
  /
  هاتيك جمل بأرض لا يقرّبها ... إلَّا هبلّ من العيدي معتقد(٣)
  ودونها معشر خزر عيونهم ... لو تخمد النار من حرّ لما خمدوا(٤)
  عدّوا علينا ذنوبا في زيارتها ... ليحجبوها وفي أخلاقهم نكد(٥)
  وحال من دونها شكس خلائقه ... كأنّه نمر في جلده الرّبد(٦)
  فليس إلا عويل كلما ذكرت ... أو زفرة طالما أنّت بها الكبد
  وتيّمتني جمل فاستمرّ بها ... شحط من الدار لا أمّ ولا صدد(٧)
  قالوا غداة استقلت: ما لمقلته ... أمن قذى هملت أم عارها رمد(٨)
  فقلت لا بل غدت سلمى لطيّتها ... فليتهم مثل وجدي بكرة وجدوا(٩)
  إن كان وصلك أبلى الدّهر جدّته ... وكلّ شيء جديد هالك نفد(١٠)
  فقد أراني ووجدي إذ تفارقني ... يوما كوجد عجوز درعها قدد(١١)
  تبكي على بطل حمّت منيته ... وكان واتر أعداء به ابتردوا(١٢)
  وقد خلا زمن لو تصرمين له ... وصلي لأيقنت أنّي ميّت كمد(١٣)
(١) تستأنفيننا: تعودين إلينا بخير وتجدّدين العودة. والمعتفى: الموضع الَّذي يطلب فيه الحاجة.
(٢) محض أطراف العروق: خالص الأصول طاهرها. والمساور: المواثب. وفي بعض الأصول «حبال» بالحاء، أما في ط فبالجيم.
(٣) الهبل: الضخم أو الطويل يقال بكسر الهاء والباء، وبكسرها مع فتح الباء. والعيدي: منسوب إلى فحل معروف منجب، ويقال النجائب العيدية. والمعتقد: الموثق الظهر الصبور الشديد الصلب.
(٤) خزر العيون: جمع أخزر، وهو ضيق العين، كناية عن العداوة.
(٥) النكد: الشح والعسر والبخل.
(٦) الشكس: الصعب. الربد: جمع ربدة، وهو السواد المنقطع فيه احمرار، أو الغبرة.
(٧) الشحط: البعد. والأم: القصد. وفي الأصول: «أيم». والصدد: القرب. يريد أن المسافة بعيدة وأنها أرض لا يسهل قطعها.
(٨) هملت: فاضت ودام نزول دمعها. وعارها: أصابها.
(٩) طيتها: وجهها الَّذي تريده ونيتها الَّتي انتوتها. والطبية: الحاجة والوطر وتكون منزلا منتوى. وجدوا بفتح الجيم: اعتراهم الوجد، وهو الحب الشديد.
(١٠) نفد بالتحريك. وفي ط بكسر الفاء، وهو: الفاني.
(١١) القدد: القطع، جمع قدة بالكسر.
(١٢) حمت: نزلت. والواتر: المفزع المدرك الأعداء. وابتردوا، معناه في الأصل: صبوا على أجسامهم الماء أو شربوه، أي أثلجت قلوبهم لموته.
(١٣) من الكمد، وهو الحزن الشديد.