نسب المغيرة بن حبناء وأخباره
  إذا نفعوا عادوا لمن ينفعونه ... وكائن ترى من نافع غير عائد(١)
  إذا ما انجلت عنهم غمامة غمرة ... من الموت أجلت عن كرام مذاود(٢)
  تسود غطاريف(٣) الملوك ملوكهم ... وماجدهم يعلو على كل ماجد
  مديحة للمهلب بن أبي صفرة
  أخبرني هاشم بن محمّد قال حدّثنا المغيرة بن محمّد المهلبي عن رواة باهلة، أن المهلب بن أبي صفرة لما هزم قطريّ بن الفجاءة بسابور(٤) جلس للناس، فدخل إليه وجوههم يهنئونه وقامت الخطباء فأثنت عليه ومدحته الشعراء، ثم قام المغيرة بن حبناء في أخرياتهم فأنشده:
  /
  حال الشّجا دون طعم العيش والسهر ... واعتاد عينك من إدمانها الدّرر(٥)
  واستحقبتك(٦) أمور كنت تكرهها ... لو كان ينفع منها النّأي والحذر
  وفي الموارد للأقوام تهلكة ... إذا الموارد لم يعلم لها صدر(٧)
  ليس العزيز بمن تغشى محارمه ... ولا الكريم بمن يجفى ويحتقر
  حتى انتهى إلى قوله:
  أمسى العباد بشرّ لا غياث لهم ... إلا المهلب بعد اللَّه والمطر
  كلاهما طيّب ترجى نوافله ... مبارك سيبه يرجى وينتظر(٨)
  لا يجمدان عليهم عند جهدهم ... كلاهما نافع فيهم إذا افتقروا(٩)
  هذا يذود ويحمي عن ذمارهم ... وذا يعيش به الأنعام والشّجر(١٠)
  واستسلم الناس إذ حلّ العدوّ بهم ... فلا ربيعتهم ترجى ولا مضر
  وأنت رأس لأهل الدين منتخب ... والرأس فيه يكون السمع والبصر
  إن المهلَّب في الأيام فضّله ... على منازل أقوام إذا ذكروا
  حزم وجود وأيام له سلفت ... فيها يعدّ جسيم الأمر والخطر
  ماض على الهول ما ينفكّ مرتحلا ... أسباب معضلة يعيا بها البشر(١١)
  سهل الخلائق يعفو عند قدرته ... منه الحياء ومن أخلاقه الخفر
(١) وكائن: بمعنى كم، أي كثير. هؤلاء القوم يكررون النفع ويعودون وغيرهم ينفع مرة واحدة.
(٢) الغمرة: الشدّة. والمذاود: جمع مذود وهو الكثير الذود والدفع عن العشيرة.
(٣) الغطاريف: جمع غطريف: وهو السيد الشريف والسخي السري.
(٤) سابور: كورة مشهورة بأرض فارس.
(٥) الدرر: جمع درة بالكسر. هي كثرة اللبن، والمراد هنا انسكاب الدموع بغزارة.
(٦) استحقتك: ادخرتك.
(٧) الموارد: جمع مورد، وموارد الأمور: مداخلها. يقول: من لم يعرف عاقبة أمره الَّذي دخل فيه هلك.
(٨) السيب: العطاء.
(٩) لا يجمدان: لا يبخلان.
(١٠) الذمار بكسر الذال: ما يلزمك حفظه وحمايته.
(١١) مرتحلا: راكبا، أي هو يركب المعضلات من الأمور حتى يذللها وييسرها.