نسب المغيرة بن حبناء وأخباره
  لا تحسبنّ بياضا فيّ منقصة ... إن اللَّهاميم(١) في ألوانها بلق
  وبلغ المهلَّب ما جرى، فتناول المفضل بلسانه وشتمه، وقال: أردت أن يتمضّغ هذا أعراضنا، ما حملك على أن أسمعته ما كره بعد مواكلتك إياه؟ أما إن كنت تعافه فاجتنبه أو لا تؤذه. ثم بعث إليه بعشرة آلاف درهم، واستصفحه عن المفضل، واعتذر إليه عنه، فقبل رفده وعذره، وانقطع بعد ذلك عن مواكلة أحد منهم. / - رجع الخبر إلى سياقته مع زياد والمغيرة - فقال المغيرة يجيب زيادا:
  مناقضات زياد الأعجم والمغيرة بن حبناء
  أزياد إنّك والَّذي أنا عبده ... ما دون آدم من أب لك يعلم
  فالحق بأرضك يا زياد ولا ترم ... ما لا تطيق وأنت علج(٢) أعجم
  أظننت لؤمك يا زياد يسدّه ... قوس سترت بها قفاك وأسهم
  علج تعصّب ثم راق بقوسه(٣) ... والعلج تعرفه إذا يتعمّم
  ألق العصابة يا زياد فإنما ... أخزاك ربّي إذ غدوت ترنّم
  واعلم بأنك لست منّي ناجيا ... إلا وأنت ببظر(٤) أمك ملجم
  تهجو الكرام وأنت ألأم من مشى ... حسبا وأنت العلج حين تكلَّم
  ولقد سألت بني نزار كلَّهم ... والعالمين من الكهول فأقسموا
  باللَّه مالك في معدّ كلَّها ... حسب وإنك يا زياد موذّم(٥)
  فقال زياد يجيبه:
  ألم تر أنّني وتّرت قوسي ... لأبقع من كلاب بني تميم
  عوى فرميته بسهام موت ... كذاك يردّ ذو الحمق اللئيم(٦)
  وكنت إذا غمزت قناة قوم ... كسرت كعوبها أو تستقيم(٧)
  / هم الحشو القليل لكل حيّ ... وهم تبع كزائدة الظليم(٨)
(١) اللهاميم ومفردها لهموم، وهو الجواد من الخيل.
(٢) العلج: الرجل من كفار العجم.
(٣) راق بقوسه أي ظن أنه راق بها، أي زاد فضلا.
(٤) البظر: هنة بين أسكتي الفرج.
(٥) الموذم بضم الميم وتشديد الذال: المقطع. وكلب موذم: جعلت في عنقه قلادة.
(٦) بالبناء للمجهول. في ج «تردد الحمق».
(٧) غمزت: عضضت. وقد نصب سيبويه يستقيم بأو وكذلك جميع البصريين. والحجة لسيبويه في هذا أنه سمع من العرب من ينشد هذا البيت بالنصب. وبالرفع يكون فيه إقواء. ويقال أقوى في الشعر: خالف بين قوافيه برفع بيت وجر آخر. وقلت قصيدة لهم بلا إقواء.
وأما الإقواء بالنصب فقليل (راجع «اللسان»). والإقواء يغلب على هذه القصيدة. والمعنى إذا اشتدّ على جانب قوم رمت تليينه لإضعافه أو يستقيم. وقد قيل: إنه هجا قوما زعم أنه أثارهم بالهجاء وهددهم إلا أن يتركوا سبه وهجاءه.
(٨) الظليم: ذكر النعام. زائدة الظليم: هنة وراء الظلف، أو شبه أظفار الغنم في الرسغ في كل قائمة زائدتان كأنما خلقتا من قطع القرون، والشعرات المدلاة مؤخر رجل الشاة والظبي والأرنب.