كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب المغيرة بن حبناء وأخباره

صفحة 64 - الجزء 13

  فلست بسابقي هرما ولما ... يمرّ على نواجذك القدوم⁣(⁣١)

  فحاول كيف تنجو من وقاعي ... فإنّك بعد ثالثة رميم⁣(⁣٢)

  سراتكم الكلاب البقع فيكم ... للؤمكم وليس لكم كريم

  فقد قدمت عبودتكم ودمتم ... على الفحشاء والطبع اللَّئيم⁣(⁣٣)

  أخبرني إسماعيل بن يونس الشيعي قال: حدّثنا عمر بن شبّة قال: حدّثنا المدائني قال: قال زياد الأعجم يهجو المغيرة بن حبناء:

  عجبت لأبيض الخصيين عبد ... كأنّ عجانه الشّعري العبور⁣(⁣٤)

  فقيل له: يا أبا أمامة، لقد شرفته إذ قلت فيه:

  كأنّ عجانه الشعري العبور

  ورفعت / منه. فقال: سأزيده رفعة وشرفا، ثم قال:

  لا يبرح الدّهر منهم خارئ أبدا ... إلَّا حسبت على باب استه القمرا

  / قال، وتقاولا في مجلس المهلَّب يوما، فقال المغيرة لزياد:

  أقول له وأنكر بعض شأني ... ألم تعرف رقاب بني تميم

  فقال له زياد:

  بلى فعرفتهنّ مقصّرات ... جباه مذلَّة وسبال لوم⁣(⁣٥)

  المغيرة يهجو زيادا بتحريض من ربيعة

  نسخت من كتاب عمرو بن أبي عمرو الشيباني، قال: كانت ربيعة تقول لزياد الأعجم: يا زياد، أنت لساننا، فاذبب عن أعراضنا بشعرك، فإنّ سيوفنا معك. فقال المغيرة بن حبناء فيه، وقد بلغه هذا القول من ربيعة له:

  يقولون ذبّب يا زياد ولم يكن ... ليوقظ في الحرب الملمّة نائما

  ولو أنّهم جاؤوا به ذا حفيظة ... فيمنعهم أو ماجدا أو مراعما

  ولكنّهم جاؤوا بأقلف قد مضت ... له حجج سبعون يصبح رازما⁣(⁣٦)

  لئيما ذميما أعجميّا لسانه ... إذا نال دنّا لم يبال المكارما⁣(⁣٧)


(١) «يمر» في ح بالتاء وفي باقي الأصول بالياء، والاثنتان جائزتان. والقدوم: الَّتي ينحت بها بفتح أوّله. والمراد أنه لم يجرب مثله ولم تهتم أسنانه.

(٢) بعد ثالثة: أي بعد ليلة ثالثة.

(٣) العبودة: العبودية، وهي الخضوع والتذلل.

(٤) العجان: القضيب الممدود من الخصية إلى الدبر. والشعرى: كوكب يطلع بعد الجوزاء وطلوعه في شدة الحر. وتقول العرب: «إذا طلعت الشعري جعل صاحب النخل يرى». وسميت الشعري العبور أونها عبرت السماء عرضا ولم يعبرها عرضا غيرها. وكان العرب يعبدونها، فأنزل اللَّه تعالى: {وأَنَّه ُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى} أي: رب الشعرى الَّتي تعبدونها. والشعري الغميصاء وسميت بذلك لأن العرب قالت في حديثها: إنها بكت على إثر العبور حتى غمصت.

(٥) السبال: جمع سبلة وهي مقدم الشعر أو مجتمعه في الذقن.

(٦) الأقلف: الَّذي لم تجر عليه موسى. والرازم: الَّذي لا يقدر على النهوض ولا يتحرك هزالا وإعياء.

(٧) الدن: وعاء الخمر.